أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) يعني: اليهود.
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه ما أعطى خلقه من العلم إلا قليلا بالنسبة إلى علمه جل وعلا، لأن ما أعطيه الخلق من العلم بالنسبة إلى علم الخالق قليل جداً، ومن الآيات التي فيها الإشارة إلى ذلك قوله تعالى (قل لو كان البحر مداد لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) وقوله (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم) .
قوله تعالى (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لاتجد لك به علينا وكيلا)
قال الطبري حدثنا أبو كريب قال: ثنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع عن شداد بن معقل قال: قلت لعبد الله وذكر أنه يُسرى على القرآن، كيف وقد أثبتناه في صدورنا ومصاحفنا؟ قال: يسرى عليه ليلا فلا يبقى منه في مصحف ولا في صدر رجل، ثم قرأ عبد الله (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك) .
في الأصل عن بندار عن وهو تصحيف والصواب كما هو مثبت أعلاه لأن بندار ليس من هذه الطبقة وكذلك شداد بن معقل معروف بالرواية عن ابن مسعود وبرواية عبد العزيز بن رفيع عنه كما في تهذيب التهذيب ٤/٣١٨، ٦/٣٣٧، وكما سيأتي في التخريج. ورجاله ثقات إلا أبا بكر بن عياش حفظه وكتابه صحيح وقد توبع كما سيأتي، وشداد صدوق وقد روي من طريق عبد الله بن وهب كما في تفسير الطبري، وأبو كريب هو محمد بن العلاء، وسنده حسن. قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير شداد بن معقل وهو ثقة، (مجمع الزوائد ٧/٤٦) . وأخرجه ابن أبي شيبه عن أبي الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع عن شداد بلفظ. قال عبد الله -يعني ابن مسعود-: إن هذا القرآن الذي بين أظهركم يوشك أن ينزع منكم، قال: قلت كيف ينزع منا وقد أثبته الله في قلوبنا وثبتناه في مصاحفنا؟ قال: يسرى عليه في ليلة واحدة فينزع ما في القلوب ويذهب ما في المصاحف ويصبح الناس منه فقراء، ثم قرأ:(ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك) . وقال القرطبي: وهذا إسناد صحيح، (الجامع لأحكام القرآن ١٠/٣٢٦) ، وله شاهد أخرجه ابن ماجة والحاكم من حديث حذيفة مرفوعا وفيه:"وليسرى على كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية"، وصححه ووافقه الذهبي، وصححه البوصيري، والألباني (صحيح سنن ابن ماجة رقم ٣٢٧٣) ، وسنن ابن ماجة- الفتن، ب ذهاب القرآن والعلم رقم ٤٠٤٩) ، وأخرجه الدارمي من طريق زر عن مسعود بنحوه وإسناده حسن (السنن- فضائل القرآن، ب في تعاهد القرآن رقم ٣٣٤٣، طبعة الريان) .