أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:(ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) وذلك يوم بدر، والمسلمون يومئذ قليل، فلما كثروا واشتد سلطانهم، أنزل الله تبارك وتعالى بعد هذا في الأسارى:(فإما منا بعد وإما فداء) ، فجعل الله النبي والمؤمنين في أمر الأسارى بالخيار، إن شاءوا قتلوهم وإن شاءوا استعبدوهم شاءوا فادوهم.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا عبيد الله ابن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة عن خيثمة قال: كان سعد جالساً ذات يوم وعنده نفر من أصحابه، إذ ذكر رجلاً، فنالوا منه، فقال: مهلاً عن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنا أذنبنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذنباً، فأنزل الله عز وجل (لولا كتاب من الله سبق) الآية. فكنا نرى، أنها رحمة من الله سبقت. (التفسير - سورة الأنفال ح ٦٦٠) ، وأخرجه أيضاً إسحاق في مسنده (انظر المطالب العالية المسنده (ق ١٦٦/أ) ، والحاكم في (المستدرك (٢/٣٢٩-٣٣٠) من طريق عبد الله بن عمر بإسناده مطولاً، وفى لفظ الحاكم. "فأرجو أن تكون رحمة من عند الله سبقت لنا". ولفظ إسحاق بنحوه، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين. وأقره الذهبي. وصحح الحافظ إسناده في المطالب العالية.
وحكى محقق (المطالب المجردة ٤/١٥١) : عن البوصيري أنه قال: رواه إسحاق بإسناد حسن.
قال الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، أخبرني معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"لمْ تحلَّ الغنائم لأحد سُود الرءوس من قبلكم، كانت تنزل نار من السماء فتأكلها"، قال سليمان الأعمش: فمن يقول هذا إلا أبو هريرة الآن، فلما كان يوم بدر وقعوا في الغنائم قبل أن تحل لهم، فأنزل الله تعالى:(لولا كتاب من الله سبق لمسّكم فيما أخذتم عذاب عظيم) .
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث الأعمش (السنن٥/٢٧١ - ك التفسير، ب سورة الأنفال) ، وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي ح ٣٠٨٥) ، وأخرجه الطبري بنحوه من طريق: أبى معاوية عن الأعمش به، قال الشيخ أحمد شاكر: حديث صحيح الإسناد. (تفسير الطبري ١٤/٦٦ ح ١٦٣٠١، ١٦٣٠٢) ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان ١١/ ١٣٤ ح ٤٨٠٦) من طريق جرير، عن الأعمش به. قال محققه: إسناده على شرط الشيخين. وكذا قال الألباني في (السلسله الصحيحة ح ٢١٥٥) وكلامه أسبق.