قوله تعالى (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الأنس والجن ... )
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه جعل لكل نبي عدواً، وبين هنا أن أعداء الأنبياء هم شياطين الإنس والجن، وصرح في موضعٍ أخر هنا أن أعداء الأنبياء من المجرمين، وهو قوله (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين) فدل ذلك على أن المراد بالمجرمين شياطين الإنس والجن، وذكر في هذه الآية أن من الإنس شياطين، وصرح بذلك في قوله (وإذا خلو إلى شياطينهم قالوا إنا معكم) الآية. وقد جاء الخبر بذلك مرفوعاً من حديث أبي ذر عند الإمام أحمد وغيره والعرب تسمى كل متمرد شيطاناً سواء كان من الجن أو من الإنس كما ذكرنا أو من غيرهما.
قال أحمد: ثنا وكيع ثنا المسعودي أنبأنى أبو عمر الدمشقي عن عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر قال: أتيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو في المسجد فجلست فقال:"يا أبا ذر هل صليت"؟. قلت: لا. قال:"قم فصل" قال: فقمت فصليت ثم جلست فقال: "يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الانس والجن" قال: قلت يا رسول الله وللإنس شياطين؟. قال:"نعم" قلت: يا رسول الله ما الصلاة؟ قال:"خير موضوع من شاء أقل ومن شاء أكثر" قال: قلت يا رسول الله فما الصوم؟. قال:"فرض مجزئ وعند الله مزيد" قلت: يا رسول الله فما الصدقة؟. قال:"أضعاف مضاعفة" قلت: يا رسول الله فأيهما أفضل؟.
قال:"جهد من مقل أو سر إلى فقير" قلت: يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟. قال:"آدم" قلت: يا رسول الله ونبي كان قال: "نعم نبي مكلم" قال قلت يا رسول الله كم المرسلون قال: "ثلاثمائة وبضعة عشر جماً غفيراً" وقال مرة "خمسة عشر" قال قلت: يا رسول الله آدم أنبي كان؟. قال:"نعم نبي مكلم" قلت يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم؟. قال:" آية الكرسى (الله لا إله إلا هو الحى القيوم) ".
(المسند ٥/١٧٨) ، ويروى هذا الحديث عن أبي أمامه أيضاً (المسند ٥/٢٦٥-٢٦٦) ، وقد ذكر ابن كثير للحديث طرقاً كثيرة ثم قال: ومجموعها يفيد قوته وصحته. (التفسير ٣/٣١٢) .