أسباب ذلك اكتساب السيئات وهو قوله (والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً) وبين في موضع آخر أن من أسباب ذلك الكفر والفجور وهو قوله تعالى: (ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة) .
قال الترمذي: حدثنا أبو كريب. حدثنا وكيع عن الربيع بن صبيح وحماد بن سلمة عن أبي غالب قال: رأى أبو أمامة رءُوساً منصوبة على درج مسجد دمشق فقال أبو أمامة: كلاب النار شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتلى من قتلوه، ثم قرأ:(يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) إلى آخر الآية قلتُ لأبي أمامة: أنت سمعته من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً -حتى عدّ سبعاً- ما حدثتكموه.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن وأبو غالب يقال اسمه حزور وأبو أمامة الباهلي اسمه صدي بن عجلان وهو سيد باهلة.
(سنن الترمذي ٥/٢٢٦ ح ٣٠٠٠- ك التفسير، ب ك سورة آل عمران) ، وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي) ، وعزاه الهيثمي للطبراني وقال: رجاله ثقات (مجمع الزوائد ٦/٢٣٤) ، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبى (المستدرك ٢/١٤٩-١٥٠) ، وذكره ابن كثير وقال: وهذا الحديث أقل أقسامه أن يكون موقوفاً من كلام الصحابي (التفسير ١/٣٤٦) .
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الجيد عن أبي العالية عن أبي بن كعب في قوله:(يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) قال: صاروا يوم القيامة فريقين، فقال لمن اسود وجهه، وعيّرهم:(أكفرتم بعد إيمانكم فذقوا العذاب بما كنتم تكفرون) قال: هو الإيمان الذي كان قبل الاختلاف في زمن آدم، حين أخذ منهم عهدهم وميثاقهم وأقروا كلهم بالعبودية وفطرهم على الإسلام، فكانوا أمة واحدة مسلمين. يقول:(أكفرتم بعد إيمانكم) يقول: بعد ذلك الذي كان في زمان آدم. وقال في الآخرين: الذين استقاموا على إيمانهم ذلك، فأخلصوا له الدين والعمل، فبيض الله وجوههم، وأدخلهم في رضوانه وجنته.