قال البخاري: حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو قال: سمعت عِكرمة يقول: سمعت أبا هريرة يقول: إن نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلةً على صفوان، فإذا فُزِّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال الحق وهو العلي الكبير، فيسمعها -مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض- ووصف سفيان بكفّه فحرفها وبدّد بين أصابعه- فيسمع الكلمة فيُلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لساد الساحر أو الكاهن، فربّما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذْبة، فيقال: أليس قد قال لنا يومَ كذا وكذا كذا وكذا، فيصدق تلك الكلمة التي سمع من السماء.
(الصحيح البخاري ٨/٣٩٨ ح٤٨٠٠ - ك التفسير، ب (الآية) سورة سبأ) .
انظر حديث البخاري عن الحارث بن هشام في صفة إتيان الوحي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والآتي عند الآية (٣) من سورة الشورى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن ابن عباس قوله (حتى إذا فزع عن قلوبهم) يعني: جلى.
قوله تعالى (قل لا تُسئلون عما أجرمنا ولا نُسئل عما تعملون)
قال الشيخ الشنقيطي: أمر الله جل وعلا نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في هذه الآية الكريمة أن يقول للكفار: إنهم وإياهم ليس أحد منهم مسئولا عما يعمله الآخر، بل كل منهم مؤاخذ بعمله، والآخر بريء منه. وأوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع كقوله تعالى:(وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون) ، وقوله تعالى:(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) إلى قوله: (لكم دينكم) .