بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذّبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة. فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا".
(الصحيح ١١/٤٠٣ ح ٦٥٣٥- ك الرقاق، ب القصاص يوم القيامة..) .
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (على سرر متقابلين) بين في هذه الآية الكريمة أن المتقين الذين هم أهل الجنة يوم القيامة يكونون على سرر وأنهم متقابلون ينظر بعضهم إلى وجه بعض ووصف سررهم بصفات جميلة في غير هذا الموضع منها أنها منسوجة بقضبان من الذهب وهي الموضونة قال في الواقعة (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين) وقيل الموضونة المصفوفة كقوله: (على سرر مصفوفة) الآية، ومنها أنها مرفوعة كقوله في الغاشية (فيها سرر مرفوعة) الآية، وقوله في الواقعة (وفرش مرفوعة) وقوله: (متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان) .
قوله تعالى (لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (لا يمسهم فيها نصب) بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن أهل الجنة لا يمسهم فيها نصب وهو التعب والإعياء وقوله نصب نكرة في سياق النفي فتعم كل نصب فتدل الآية على سلامة أهل الجنة من جميع أنواع التعب والمشقة وأكد هذا المعنى وقوله تعالى (الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب) لأن اللغوب هو التعب والإعياء أيضاً وقد صح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "إن الله أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب".
وقوله تعالى (وما هم منها بمخرجين) بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن أهل الجنة لا يخرجون منها وأكد نفي إخراجهم منها بالباء في قوله: (بمخرجين) فهم دائمون في نعيمها أبدا بلا انقطاع. وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر كقوله:(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (١٠٧) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا) وقوله: (ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا) وقوله: (عطاء غير مجذوذ) وقوله: (إن هذا لرزقنا ماله من نفاد) إلى غير ذلك من الآيات.