ذلك على أصحاب رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأتوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثم بركوا على الركب.
فقالوا أي رسول الله! كلفنا من الأعمال ما نطيق. الصلاة والصيام والجهاد والصدقة. وقد أنزلت عليك هذه الآية. ولا نطيقها. قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير" قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم. فأنزل الله في إثرها:(آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى. فأنزل الله عز وجل:(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)(قال: نعم)(رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا)(قال: نعم)(رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ)(قال: نعم)(وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)(قال: نعم) .
(صحيح مسلم ١/١١٥-١١٦ - ك الإيمان، ب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق) .
أخرج البخاري بسنده عن مروان الأصفر عن رجل من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قال أحسبه ابن عمر- (إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه) قال: نسختها الآية التي بعدها.
(الصحيح ح ٤٥٤٦ - ك التفسير - ب (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه) ، وب (وإن تبدوا ما في أنفسكم) ح ٤٥) .
أخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة يرفعه قال:"إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست -أو حدَّثت- به أنفسها، ما لم تعمل به أو تكلم".
(صحيح البخاري ١١/٥٤٩ ح ٦٦٦٤ - ك الأيمان والنذور، ب إذا حنث ناسياً في الأيمان) ، (وصحيح مسلم - ك الأيمان، ب تجاوز الله عن حديث النفس رقم ٢٠١) .