قوله تعالى (قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين) أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية: (إن كنتم صادقين) بما يقولونه إنه كما يقولون.
قوله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يَلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يُضيع أجر المؤمنين)
قال الشيخ الشنقيطى: نهى الله تبارك وتعالى في هذه الآية عن ظن الموت بالشهداء وصرح بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وأنهم فرحون بما آتاهم الله من فصله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ولم يبين هنا هل حياتهم البرزخ يدرك أهل الدنيا حقيقتها أو لا؟ ولكنه بين من سورة البقرة أنهم لا يدركونها بقوله (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون) لأن نفي الشعور يدل على نفس الإدراك من باب أولى كما هو ظاهر) .
قال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة. كلاهما عن أبي معاوية.
ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا جرير وعيسى بن يونس، جميعا عن الأعمش.
ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير (واللفظ له) . حدثنا أسباط وأبو معاوية. قالا: حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مُرّة، عن مسروق. قال: سألنا عبد الله (هو ابن مسعود) عن هذه الآية: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون) قال: أما أنا قد سألنا عن ذلك، فقال: أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت. ثم تأوى إلى تلك القناديل، فاطّلع إليهم ربهم اطّلاعة، فقال: هل تشتهون شيئا؟ قالوا:(أيّ شيء نشتهي؟ ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات. فلمّا رأوا أنهم لن يتركوا مِن أن يُسألوا، قالوا: يا رب! نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تُركوا.
(الصحيح ٣/١٥٠٢-١٥٠٣ ح ١٨٨٧ - ك الإمارة، ب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة) .