وذكره ابن كثير ثم قال: فدلت هذه الآية وهذا الحديث أن حكم الحاكم لا يغير الشيء في نفس الأمر، فلا يحل في نفس الأمر حراماً هو حرام ولا يحرم حلالاً هو حلال، وإنما هو ملزم في الظاهر، فإن طابق في نفس الأمر فذاك، وإلا فللحاكم أجره وعلى المحتال وزره.
قال الإمام أحمد: ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، ثنا سليمان بن بلال، عن سهيل بن أبي صالح، عن عبد الرحمن بن سعيد، عن أبي حميد الساعدي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"لا يحل لامرئ أن يأخذ مال أخيه بغير حقه وذلك لما حرم الله مال المسلم على المسلم".
(المسند ٥/٤٢٥) . وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان ٧/٥٨٧ ح ٥٩٤٦) ، والبيهقي في سننه (٦/١٠٠) ، كلاهما من طريق سليمان بن بلال، عن سهيل به. وقد وقع في إسناد البيهقي: عبد الرحمن بن سعد (بدل) عبد الرحمن بن سعيد، وقال البيهقي: هو ابن سعد بن مالك، وسعد بن مالك هو أبو سعيد الخدري، ورواه أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان، فقال: عبد الرحمن بن سعيد ... يعنى: كما في رواية أحمد وابن حبان.
وقد رجح الشيخ الألباني رواية (عبد الرحمن بن سعيد) وأنه: عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع أبو محمد المدني (إرواء الغليل ٥/٢٨٠) . ولعل الصواب عبد الرحمن بن سعد، وهو ابن أبي سعيد الخدري كما ذهب البيهقي، وذلك أن عبد الرحمن بن سعيد هو المعروف بالرواية عن أبي حميد، ولم أقف على من ذكر عبد الرحمن بن سعيد في الرواة عن أبي حميد. وقد وقع اختلاف آخر في إسناد هذا الحديث، وبين البيهقي في السنن (٦/٩٧) ذلك الخلاف، ثم روى، إسناده عن علي بن المديني -إمام العلل- أنه قال: الحديث عندي حديث سهيل -يعنى المتقدم عاليه عند أحمد وابن حبان- (السنن ٦/١٠٠) ، وكذا نقله عن ابن المديني: ابن حجر رحمه الله (التلخيص الحبير ٣/٤٦) . وقال عنه الهيثمي: رواه أحمد والبزار، ورجال الجميع رجال الصحيح. (مجمع الزوائد ٤/١٧١) . وهذا من الأدلة أيضاً على ترجيح القول بـ (عبد الرحمن بن سعيد) ؛ لأن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع ليس من رواة الصحيح وقال عنه الشيخ الألباني: صحيح (الإرواء ٥/٢٧٩) . وله شواهد عدة تنظر في (الإرواء) و (التلخيص الحبير ٣/٤٦) ، غير أن حديث أبي حميد أصح ما في الباب، كما في (التلخيص) ، لابن حجر. علماً أن لفظ حديث أبي حميد عند ابن حبان والبيهقي:"لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس منه.....".