قال ابن كثير: يخبر تعالى عن كفرهم وعتوهم وعنادهم في قولهم (يا أيها الذي نزل عليه الذكر) أي الذي تدعي ذلك (إنك لمجنون) أي في دعائك إيانا إلى اتباعك وترك ما وجدنا عليه آباءنا (لو ما) أي هلا (تأتينا بالملائكة) أي يشهدون لك بصحة ما جئت به إن كنت من الصادقين، كما قال فرعون:(فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين) ، (وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيراً) .
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله:(ما ننزل الملائكة إلا بالحق) قال: بالرسالة والعذاب.
انظر سورة الإسراء آية (٩٢) .
قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)
قال الشيخ الشنقيطي: بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه هو الذي أنزل القرآن العظيم وأنه حافظ له من أن يزاد فيه أو ينقص أو يتغير منه شئ أو يبدل، وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله:(وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل من حكيم حميد) وقوله: (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه) إلى قوله: (ثم إن علينا بيانه) وهذا هو الصحيح في معنى هذه الآية أن الضمير في قوله: (وإنا له لحافظون) راجع إلى الذكر الذي هو القرآن.