فلا يدعون في ذلك الوقت إلا الله جل وعلا وحده لعلمهم أنه لاينقذ من ذلك من الكرب وغيره من الكروب إلا هو وحده جل وعلا فأخلصوا العبادة والدعاء له وحده في ذلك الحين الذي أحاط بهم فيه هول البحر، فإذا نجاهم الله وفرج عنهم ووصلوا البر رجعوا إلى ما كانوا عليه من الكفر كما قال تعالى (فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً) وهذا المعنى المذكور في هذه الآية الكريمة أوضحه الله جل وعلا في آيات كثيرة كقوله (هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذا لنكونن من الشاكرين فلما أنجاهم إذا هم يبتغون في الأرض بغير الحق) وقوله (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون) وقوله (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) وقوله (وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور) وقوله (واذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا حوله نعمة منه نسى ما كان يدعوا إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا) يقول: حجارة من السماء (ثم لا تجدوا لكم وكيلا) أي: منعة ولا ناصرا.
قوله تعالى (أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا)
أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (فيرسل عليكم قاصفا من الريح) يقول: عاصفا.
وبه عن ابن عباس قوله (ثم لاتجدوا لكم علينا به تبيعا) يقول: نصيرا.