ينكتون بالحصى ويقولون: طلّق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نساءه. وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب. فقال عمر: فقلتُ: لأعلمنّ ذلك اليوم. قال: فدخلت على عائشة.
فقلتُ: يابنت أبي بكر! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟.
فقالت: مالى ومالك يا ابن الخطاب؟ عليك بعيبتك. قال: فدخلتُ على حفصة بنت عمر. فقلتُ لها: يا حفصة! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ والله! لقد علمت أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يُحبكِ. ولولا أنا لطلقكِ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فبكتْ أشد البكاء. فقلتُ لها: أين رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قالت: هو في خِزانته في المشربة. فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاعدأ على أسكفة المشربة. مدلِّ رجليه على نقير من خشب. وهو جِذع يرقى عليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وينحدر. فناديت: يا رباح! استأذن لى عندك على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فنظر رباح إلى الغرفة. ثم نظر إلىّ. فلم يقل شيئاً. ثم قلت: يا رباح! استأذن لى عندك على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنظر رباح إلى الغرفة. ثم نظر إلى. فلم يقل شيئاً.
ثم رفعتُ صوتي فقلت: يا رباح! استأذن لى عندك على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فإنّي أظنّ أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظن أنّي جئتُ من أجل حفصة. والله! لئن أمرني رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بضرب عنقها لأضربن عنقها. ورفعتُ صوتي. فأومأ إلى أن ارْقه.
فدخلتُ على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو مضطجع على حصير. فجلستُ. فأدنى عليه إزاره وليس عليه غيره. وإذا الحصير قد أثّر في جَنْبه. فنظرت ببصرى في خزانة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإذا أنا بقبضةٍ من شعير نحو الصاع. ومثلها قَرَظاً في ناحية الغرفة.
وإذا أفيق معلق. قال: فابتدرتْ عيناي. قال:"ما يُبكيك؟ يا ابن الخطاب"!
قلتُ: يا نبي الله! ومالى لا أبكى؟ وهذا الحصير قد أثّر في جنبك وهذه خِزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى. وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار.
وأنتَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصفوته. وهذه خِزانتك. فقال:"يا ابن الخطاب!.
ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا"؟. قلتُ: بلى. قال ودخلتُ