عليه حين دخلتُ وأنا أرى في وجهه الغضب. فقلتُ: يا رسول الله ما يشق عليك من شأن النساء؟ فإن كنت طلّقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك. وقلّما تكلمت، وأحمد الله، بكلام إلا رجوت أن يكون الله يُصدق قولى الذي أقول، ونزلت هذه الآية. آية التخيير (عسى ربّه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن)(٦٦/ التحريم/٥) .
(وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير)(٦٦/ التحريم/٤) وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلتُ: يا رسول الله! أطلقتهن؟ قال: لا "قلتُ: يا رسول الله! إني دخلتُ المسجد والمسلمون ينكبنون بالحصى. يقولون: طلّق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نساءه. أفأنزل فأُخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال نعم إن شئت" فلم أزل أْحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه. وحتى كشر فضحك. وكان من أحسن الناس ثَغْراً. ثم نزل نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونزلتُ. فنزلتُ أتشبّث بالجذع ونزل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كأنما يمشي على الأرض ما يمسّه بيده. فقلتُ: يا رسول الله!
إنما كنتَ في الغرفة تسعة وعشرين. قال:"إن الشهر يكون تسعاً وعشرين" فقمتُ على باب المسجد. فناديت بأعلى صوتي: لم يُطّلق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نساءه.
ونزلت هذه الآية:(وإذا جاءهم أمر من الأمن أوالخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر. وأنزل الله عز وجل آية التخيير.
(الصحيح ٢/١١٠٥ ح ١٤٧٩- ك الطلاق، ب في الإيلاء واعتزال النساء ... ) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله:(وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به) يقول سارعوا به وأفشوه.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن قتادة قوله (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم) يقول: إلى علمائهم.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية قوله (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) قال الذين يتتبعونه ويتجسسونه.