القول الثالث: ما أخرجه ابن أبي حاتم بسنده الحسن من طريق ابن إسحاق بسنده عن ابن عباس قال: الكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم فأتمهن فراق قومه في الله حين أمر بفراقهم، ومحاجته نمرود في الله حين وقفه على ماوقفه عليه من خطر الأمر الذي فيه خلافهم، وصبره على قذفه إياه في النار ليحرقوه في الله على هول ذلك من أمرهم والهجرة بعد ذلك من وطنه وبلاده في الله حين أمره بالخروج عنهم، وما أمره به من الضيافة والصبر عليها، وماله وما ابتلى به من ذبح ولده، حين أمره بذبحه فلما مضى على ذلك من أمر الله وأخلصه البلاء قال الله له أسلم قال: أسلمت لرب العالمين. على ما كان من خلاف الناس وفراقهم.
القول الرابع: ما أخرجه الطبري عن يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء قال: قلت للحسن: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن) قال: ابتلاه بالكوكب، فرضي عنه، وابتلاه بالقمر، فرضي عنه، وابتلاه بالشمس، فرضي عنه، وابتلاه بالنار، فرضي عنه، وابتلاه بالهجرة، وابتلاه بالختان.
ورجاله ثقات وإسناده صحيح وأبو رجاء هو: محمد بن سيف الحداني. وأخرجه إسناده الحسن عن قتادة عن الحسن بنحوه وزاد ابتلاه بذبح ابنه.
وقال الطبري: ما حاصله أنه يحتمل أن يكون المراد بالكلمات جميع ما ذكر ويحتمل أن يكون بعض ذلك ولايجوز الجزم بشيء منها إلا بحجة يجب التسليم لها من خبر عن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو إجماع من الحجة ولم يصح شيء من ذلك.
قوله تعالى (فأتمهن)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية (فأتمهن) أي: عمل بهن.
وقال الطبري: حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا دواد، عن عكرمة، عن ابن عباس (فأتمهن) ، أي فأداهن.
ورجاله ثقات وإسناده صحيح وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى وداود: هو ابن أبي هند. وعبد الأعلى هذا معروف روايته عن داود بن أبي هند. (انظر تهذيب التهذيب ٦/٩٦) .