تلك الحال لكنت من أهل النار، فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيتُ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلتُ: ابسط يمينك فلأبايعك. فبسط يمينه. قال: فقبضتُ يدي. قال:"مالك يا عمرو؟ ". قال قلتُ: أردتُ أن أشترط. قال:"تشترط بماذا؟ " قلتُ: أن يُغفر لي. قال:"أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ وأن الحج يهدم ما كان قبله؟ " وما كان أحدٌ أحب إلىّ من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا أجَلَّ في عيني منه. وما كنت أطيق أن أملأ عينيّ منه إجلالاً له. ولو سُئلتُ أن أصفه ما أطقتُ. لأني لم أكن أملأ عينيّ منه. ولومُتُّ على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة. ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها. فإذا أنا مت، فلا تصحبني نائحة ولا نار. فذا دفنتموني فشُنُّوا عليّ التراب شناً. ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور. ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي.
(الصحيح ١/١١٢-١١٣ ح ١٢١ - ك الايمان، ب كون الإسلام يهدم ما قبله ... ) .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (فقد مضت سنة الأولين) في قريش يوم بدر وغيرها من الأمم قبل ذلك.
قوله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) يعني: حتى لا يكون شرك.
قال البخاري: حدثنا الحسن بن عبد العزيز، حدثنا عبد الله بن يحيى، حدثنا حَيوة، عن بكر بن عمرو، عن بُكير، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً جاءه فقال: يا أبا عبد الرحمن، ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) إلى آخر الآية، فما يمنعك أن لا تقاتل كما ذكر الله في كتابه؟ فقال: يا ابن أخي أعَير بهذه الآية ولا أقاتل أحبَّ إليّ من أن أعيَّر بهذه الآية التي يقول الله تعالى: (ومن يقتل مومناً متعمداً) إلى آخرها. قال: فإن الله يقول: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) قال ابن عمر: قد فعلنا على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ كان الإسلام قليلا، فكان الرجل يُفتن في دينه: إما يقتلوه، وإما يوثقوه، حتى كثر الإسلام فلم تكن قتنة. فلما رأى أنه لا يوافقه فيما يريد قال: فما قولك