قوله تعالى (أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفوراً)
قال الشيخ الشنقيطي: بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من خلق السموات والأرض مع عظمهما قادر على بعث الإنسان بلا شك لأن من خلق الأعظم الأكبر فهو على خلق الأصغر قادر بلا شك، وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر كقوله (لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس) الآية، أي من قدر على خلق الأكبر فهو قادر على خلق أصغر، وقوله (أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم) ، وقوله (أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهم بقادر على أن يحيي الموتى) ، وقوله (أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم) .
قوله تعالى (قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (خشية الإنفاق) قال: الفاقة.
أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله (وكان الإنسان قتورا) يقول: بخيلا.
قال الشيخ الشنقيطي: بين تعالى في هذه الآية أن بني آدم لو كانوا يملكون خزائن رحمته -أي خزائن الأرزاق والنعم- لبخلوا بالرزق على غيرهم ولأمسكوا عن الإعطاء خوفا من الإنفاق لشدة بخلهم، وبين إن الإنسان قتور أي بخيل مضيق من قولهم قتر على عياله أي ضيق عليهم، وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله (أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يأتون الناس نقيرا) وقوله (إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الخير منوعا وإذا مسه الشر جزوعا إلا المصلين) الآية.