قوله تعالى (وإن يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر قال: وأخبرني عثمان الجزري أن مقسماً مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس في قوله (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك) قال: تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال بعضهم: بل اقتلوه وقال بعضهم: بل أخرجوه فأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك فبات عليٌّ على فراش النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تلك الليلة وخرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى لحق بالغار وبات المشركون يحرسون علياً يحسبونه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلما أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوا علياً رد الله مكرهم فقالوا: أين صاحبك هذا؟ قال: لا أدري فاقتصوا أثره فلما بلغوا الجبل خلط عليهم فصعدوا في الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا: لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه فمكث فيه ثلاث ليال.
(المسند ح ٣٢٥١) ، قال الحافظ ابن كثير: إسناده حسن، وهو أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت على فم الغار (البداية والنهاية ٣/١٨١) . وحسن إسناده الحافظ ابن حجر (الفتح ٧/٢٣٦) .
وقصة مكر قريش بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رواها بطولها: الطبري (التفسير ح ١٥٩٦٥) ، وأبو نعيم (دلائل النبوة ١/٦٣) ، والبيهقى (دلائل النبوة ٢/٤٦٨-٤٦٩) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس، وكذلك أخرجها ابن سعد (الطبقات ١/٢٢٧) من حديث عائشه وابن عباس وعلى وسراقة بن جعشم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:(وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك) ، يعني ليوثقوك.
وانظر سورة الإسراء آية (٧٣ و٧٦) .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد:(ليثبتوك أو يقتلوك) ، قال: كفار قريش، أرادوا ذلك بمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل أن يخرج من مكة.
قوله تعالى (وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (إن هذا إلا أساطير الأولين) رد الله عليهم كذبهم وافتراءهم هذا في آيات كثيرة؛ كقوله تعالى (وقالوا أساطير