عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين". فلما بلغهم ذلك قالوا: نحن -والله- لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا فانزل الله:(وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم) فلما نزلت أرسل إليهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأطلقهم وعذرهم.
قوله تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ... )
قال البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن عقيل، عن الزهري، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واستُخلف أبو بكر بعبده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله". فقال: والله لأُقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لقاتلتهم على منعه. فقال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيتُ الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.
قال ابن بُكير وعبد الله عن الليث (عناقاً) وهو أصحّ.
(الصحيح ١٣/٢٦٤ ح ٧٢٨٤، ٧٢٨٥ - ك الاعتصام بالكتاب والسنة، ب الاقتداء بسنن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... ) ، وأخرجه مسلم (الصحيح ١/٥٣ ح ٢ - ك الإيمان، ب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ... ) من حديث ابن عمر بنحوه.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: لما نزلت (وآخرون اعترفوا بذنوبهم ... ) أرسل إليهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأطلقهم وعذرهم، فجاؤوا بأموالهم فقالوا: يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا، واستغفر لنا، قال: "ما أمرت أن آخذ أموالكم". فأنزل الله:(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ... ) الآية.