أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتاده قوله (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم) علمه الله بيان الدنيا والآخرة، بين حلاله وحرامه ليحتج به على خلقه.
قوله تعالى (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ... )
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر في هذه الآية الكريمة أن كثيرا من مناجاة الناس فيما بينهم لاخير فيه. ونهى في موضع آخر عن التناجى بما لا خير فيه وبين أنه من الشيطان ليحزن به المؤمنين وهو قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالأثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي اليه تحشرون إنما النجوي من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بأذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) وقوله في هذه الآية الكريمة (أو إصلاح بين الناس) لم يبين هنا هل المراد بالناس المسلمون دون الكفار أولا.
ولكنه أشار في مواضع أخر أن المراد بالناس المرغب في الأصلاح بينهم هنا المسلمون خاصة كقوله تعالى:(إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم) وقوله (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) فتخصيصه المؤمنين بالذكر يدل على أن غيرهم ليس كذلك كما هو ظاهر وكقوله تعالى (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) .
قال البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب أن حُميد بن عبد الرحمن أخبره أن أمّه أمّ كلثوم بنت عُقبة أخبرته أنها سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:"ليس الكذّاب الذي يُصلح بين الناس فينمى خيراً أو يقول خيراً".
(الصحيح ٥/٣٥٣ ح ٢٦٩٢ - ك الصلح، ب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس) ، وأخرجه مسلم (ح ٢٦٠٥ - ك البر، ب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه) ، وأخرجه أحمد في مسنده (٦/٤٠٣) وفى آخره زيادة وهي بيان ما رخص فيه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الكذب) .