قوله تعالى (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون)
قال ابن كثير: يخبر تعالى أن الشهداء في برزخهم أحياء يرزقون كما جاء في صحيح مسلم أن أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تهوي إلى قناديل معلقة تحت العرش فاطلع عليهم ربك اطلاعة فقال: ماذا تبغون؟ فقالوا: يا ربنا وأي شيء نبغي وقد أعطيتنا ما لم تعطي أحد من خلقك؟ ثم عاد إليهم بمثل هذا فلما رأوا أنهم لا يتركون من أن يسألوا، قالوا: نريد أن تردنا إلي الدار الدنيا فنقاتل في سبيلك حتى نقتل فيك مرة أخرى -لما يرون من ثواب الشهادة- فيقول الرب جل جلاله: إني كتبت أنهم إليها لا يرجعون.
(التفسير ١/٣٤٢) ، وانظر (صحيح مسلم- ك الأمارة - ب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون رقم ١٨٨٧) .
قال الطبري حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان وعبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل، عن محمود بن لبيد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الشهداء على بارق، نهر باب الجنة، في قبة خضراء -وقال عبدة في روضة خضراء- يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشياً.
وذكره ابن كثير عند تفسير قوله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء ولكن عند ربهم يرزقون) ثم قال: وهو إسناد جيد. وهو كما قال، وعنعنة ابن إسحاق محمولة على الاتصال لأنه صرح بالسماع فيما أخرجه الحاكم عن طريق يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق حدثني الحارث بن فضيل الأنصاري به، وصححه وسكت عنه الذهبي (المستدرك ٢/٧٤) وأخرجه الإمام أحمد عن طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق به (المسند رقم ٢٣٩٠) ، وقال الهيثمي: ورجال أحمد ثقات (مجمع الزوائد ٥/٢٩٨) ، وصححه السيوطي في الجامع الصغير مع فيض القدير (٤/١٨٠ ح ٤٩٥٦) ، وحسنه الألبانى (صحيح الجامع الصغير ٣/٢٣٥, ٢٣٦) ، وصححه أحمد شاكر في تحقيقه للمسند