قوله تعالى (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها)
قال ابن كثير: يقول تعالى (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق) أي: سأمنع فهم الحجج والأدلة الدالة على عظمتي وشريعتي وأحكامي قلوب المتكبرين عن طاعتي، ويتكبرون على الناس بغير حق، أي: كما استكبروا بغير حق أذلهم الله بالجهل، كما قال تعالى (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة) ، وقال تعالى (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) . وقوله (وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها) ، كما قال تعالى (إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم) .
قوله تعالى (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلاً اتخذوه وكانوا ظالمين)
قال ابن كثير: يخبر تعالى عن ضلال من ضل من بني إسرائيل في عبادتهم العجل، الذي اتخذه لهم السامري من حُلي القبط، الذي كانوا استعاروه منهم، فشكل منه عجلاً، ثم ألقى فيه القبضة من التراب التي أخذها من أثر فرس جبريل عليه السلام، فصار عجلاً جسداً له خوار (والخوار) صوت البقر.
وكان هذا منهم بعد ذهاب موسى لميقات ربه تعالى، وأعلمه الله تعالى بذلك وهو على الطور، حيث يقول تعالى إخباراً عن نفسه الكريمة (قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري) .
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلاً اتخذوه وكانوا ظالمين) . بين في هذه الآية الكريمة سخافة عقول عبدة العجل، ووبخهم على أنهم يعبدون مالا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا، وأوضح هذا في سورة طه، بقوله (أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً) الآية.