قوله تعالى (ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا)
قال الشيخ الشنقيطي: وقد أوضح جل وعلا هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله عن لقمان مقررا له (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور واقصد في مشيك) الآية، وقوله:(وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) الآية.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (ولا تمش في الأرض مرحا) قال: لا تمش كبرا ولا فخرا فإن ذلك لا يبلغ بك أن تبلغ الجبال طولا ولا أن تخرق الأرض تكبرا وفخرا.
قال ابن كثير: وقوله (ولن تبلغ الجبال طولا) أي: بتمايلك وفخرك وإعجابك بنفسك بل قد يجازى فاعل ذلك بنقيض قصده كما ثبت في الصحيح: "بينا رجل يمشي فيمن كان قبلكم وعليه بردان يتبختر فيهما إذ خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة".
(صحيح البخاري- ك اللباس، ب من جر ثوبه من الخيلاء ١٠/٢٥٨ ح ٥٧٨٩) ، وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (الصحيح- اللباس، ب تحريم التبختر في المشي رقم ٢٠٨٨ وما بعده) .
وقال ابن كثير: وكذلك أخبر الله عن قارون أنه خرج على قومه في زينته وإن الله تعالى خسف به وبداره الأرض. ا. هـ.
قوله تعالى (ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولاتجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا)
في بداية هذه الآية إشارة إلى ما تقدم من التنزيل الذي ورد فيه بعض الأحكام والأخلاق الحميدة والمراد بالحكمة ها هنا: القرآن بدليل آيات كثيرة منها قوله تعالى (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن) سورة يوسف: ٣، وقوله (والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه) سورة فاطر: ٣١، وقوله (وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا) سورة الشورى: ٧، وقوله (وأوحي إلي هذا القرآن) سورة الأنعام: ١٩.