قوله تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين)
قال ابن كثير: أخبرنا تعالى أنه يبتلي عباده: أي يختبرهم ويمتحنهم كما قال تعالى (ولنبلوكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) سورة محمد: ٣١، فتارة بالسراء وتارة بالضراء من خوف وجوع كما قال تعالى (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) سورة النحل، ١١٢، فإن الجائع والخائف كل منهما يظهر ذلك عليه، ولهذا قال لباس الجوع والخوف وقال ههنا (بشيء من الخوف والجوع) أي بقليل من ذلك.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بالإسناد الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:(ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع) ونحو هذا، قال أخبر الله المؤمنين أن الدنيا دار بلاء، وأنه مبتليهم فيها، وأمرهم بالصبر، وبشرهم فقال (وبشر الصابرين) ثم أخبرهم أنه فعل هكذا بأنبيائه وصفوته لتطيب أنفسهم فقال (مستهم البأساء والضراء وزلزلوا) .
وقال أحمد: حدثنا عبد الوهاب في تفسير سعيد، عن قتادة قال: لقد ذكر لنا أن الرجل كان يعصب على بطنه الحجر ليقيم به صلبه من الجوع وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ماله دثار غيرها.
(الزهد ص ٣١-٣٢) ، وإسناده حسن.
وقال أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة وهشام وحماد بن سلمة كلهم عن عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل حتى يبتلي الرجل على قدر دينه فان كان صلب الدين اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب ذلك أو قدر ذلك فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة.