قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق) ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه ما خلق السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق أي ليدل بذلك على أنه المستحق لأن يعبد وحده، وإنه يكلف الخلق ويجازيهم على أعمالهم. فدلت الآية على أنه لم يخلق الخلق عبثا ولا لعبا ولا باطلا. وقد أوضح ذلك في آيات كثيرة كقوله:(وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) وقوله: (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) وقوله: (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ... ) الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله:(فاصفح الصفح الجميل) ثم نسخ ذلكم بعد، فأمره الله تعالى ذكره بقتالهم، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، لا يقبل منهم غيره.
قوله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ)
قال ابن كثير: وقوله (إن ربك هو الخلاق العليم) تقرير للمعاد وأنه تعالى قادر على إقامة الساعة فإنه الخلاق الذي لا يعجزه خلق ما يشاء، وهو العليم بما تمزق من الأجساد وتفرق في سائر أقطار الأرض، كقوله:(أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون) .
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (إن ربك هو الخلاق العليم) ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه الخلاق العليم والخلاق والعليم: كلاهما صيغة مبالغة.
والآية تشير إلى أنه لا يمكن أن يتصف الخلاق بكونه خلاقا إلا وهو عليم بكل شيء، لا يخفى عليه شيء، إذ الجاهل بالشيء لا يمكنه أن يخلقه. وأوضح هذه المعنى في آيات كثيرة، كقوله تعالى (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) .