قوله تعالى (فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود، ولهم مقامع من حديد) ما ذكره جل علا في هذه الآية الكريمة، من أنواع عذاب أهل النار جاء مبيناً في آيات أخر من كتاب الله، فقوله هنا (قطعت لهم ثياب من نار) أي قطع الله لهم من النار ثياباً، وألبسهم إياها تتقد عليهم كقوله فيهم (سرابيلهم من قطران) والسرابيل: هي الثياب التي هي القمص، كما قدمنا إيضاحه، وكقوله (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش) والغواشي: جمع غاشية: وهي غطاء كاللحاف، وذلك هو معنى قوله هنا (قطعت لهم ثياب من نار) وقوله تعالى هنا (يصب من فوق رؤوسهم الحميم) ذكره أيضاً في غير هذا الموضع كقوله (ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ذق إنك أنت العزيز الكريم) والحميم: الماء البالغ شدة الحرارة، وكقوله تعالى (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه) الآية. وقوله هنا (يصهر به ما في بطونهم) أي يذاب بذلك الحميم إذا سقوه فوصل إلى بطونهم كل ما في بطونهم من الشحم والأمعاء وغير ذلك، كقوله تعالى (وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ... ) .
قال الترمذي: حدثنا سويد أخبرنا عبد الله أخبرنا سعيد بن يزيد عن أبي السمح عن ابن حجيرة عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر ثم يعاد كما كان) .
(السنن ٤/٧٠٥ ح ٢٥٨٢ - ك صفة جهنم) البستي في تفسيره ما جاء في صفة شراب أهل النار.
قال الترمذي: حسن صحيح غريب. وأخرجه أحمد (المسند ٢/٣٧٤) من طريق إبراهيم. والحاكم في (المستدرك ٢/٣٨٧) من طريق عبدان، كلاهما عن عبد الله بن المبارك به. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وحسنه الشيخ أحمد شاكر (حاشية المسند ح ٨٨٥١) .