قال الشيخ الشنقيطي: ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة: أن إبراهيم لما سلم على رسل الملائكة وكان يظنهم ضيوفا من الآدميين، أسرع إليهم بالأتيان بالقرى وهو لحم عجل حنيذ -أي منضج بالنار- وأنهم لما لم يأكلوا أوجس منهم خيفة فقالوا لا تخف وأخبروه بخبرهم. وبين في الذاريات: أنه راغ إلى أهله -أي مال إليهم- فجاء بذلك العجل وبين أنه سمين، وأنه قربه إليهم وعرض عليهم الأكل برفق فقال لهم (ألا تأكلون) ، وأنه أوجس منهم خيفة وذلك في قوله:(هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين، إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون، فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين، فقربه إليهم قال ألا تأكلون، فأوجس منهم خيفة) الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:(بعجل حنيذ) ، يقول: نضيج.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة:(فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة) ، وكانت العرب إذا نزل بهم ضيف، فلم يطعم من طعامهم، ظنوا أنه لم يجئ بخير، وأنه يحدث نفسه بشر.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال: لما أوجس إبراهيم خيفة في نفسه، حدثوه عند ذلك مما جاءوا فيه، فضحكت امرأته، وعجبت من أن قوما أتاهم العذاب، وهم في غفلة. فضحكت من ذلك وعجبت (فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) .
قال ابن كثير:(فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) أي بولد لها يكون له ولد وعقب ونسل فإن يعقوب ولد إسحاق كما قال في آية البقرة (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسحاق إلهاً واحدا ونحن له مسلمون) .