طاعة له وموالاة، ومنها: تسمية أولادهم عبد الحارث وعبد شمس وعبد العزى ونحو ذلك، لأنهم بذلك سموا أولادهم عبيدا لغير الله طاعة له ومن ذلك أولاد الزنى لأنهم إنما تسببوا وجودهم بارتكاب الفاحشة طاعة له إلى غير ذلك فإذا عرفت هذا فاعلم أن الله قد بين آيات من كتابه بعض ما تضمنته هذه الآية من مشاركة الشيطان لهم في الأموال والأولاد كقوله (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين) فقتلهم أولادهم المذكور في هذه الآية طاعة للشيطان مشاركة منه لهم في أولادهم حيث قتلوهم في طاعته، وكذلك تحريم بعض ما رزقهم الله المذكورة في الآية طاعة له مشاركة منه لهم في أموالهم أيضاً وكقوله (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا) الآية، وكقوله (وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لايطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لايذكرون اسم الله عليها إفتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون) .
قال ابن كثير وقوله:(وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) كما أخبر تعالى عن إبليس أنه يقول إذا حصحص الحق يوم يقضى بالحق (إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان في عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي) الآية، سورة إبراهيم: ٢٢.
قال الشيخ الشنقيطي: وقوله (وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) بين فيه أن مواعيد الشيطان كلها غرور وباطل كوعده لهم بأن الأصنام تشفع لهم وتقربهم عند الله زلفى، وأن الله لما جعل لهم المال والولد في الدنيا سيجعل لهم مثل ذلك في الآخرة إلى غير ذلك من المواعيد الكاذبة، وقد بين تعالى هذا المعنى في مواضع أخر كقوله (يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) وقوله (ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور) .