قال الشيخ الشنقيطي: وذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الذين يؤتون كتابهم بأيمانهم يقرءونه ولا يظلمون فتيلا، وقد أوضح هذا في مواضع أخر كقوله (فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه) إلى قوله (وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه) .
وأخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (ولا يظلمون فتيلا) قال الذي في خلق النواة.
قوله تعالى (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا)
قال الشيخ الشنقيطي: المراد بالعمى في هذه الآية الكريمة عمى القلب لا عمى العين ويدل لهذا قوله تعالى (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) لأن عمى العين مع أبصار القلب لا يضر بخلاف العكس فإن أعمى العين يتذكر فتنفعه الذكرى ببصيرة قلبه قال تعالى: (عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى) .
أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (ومن كان في هذه أعمى) يقول من عمي من قدرة الله في الدنيا فهو في الآخرة أعمى.
أخرج آدم بن أبي إياس والطبري بالسند الصحيح عن مجاهد (في هذه أعمى) قال: الدنيا.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى:(ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى) قال: في الدنيا أعمى عما أراه الله من آياته من خلق السموات والأرض والجبال والنجوم (فهو في الآخرة) الغائبة التي لم يرها (أعمى وأضل سبيلا) .
أخرج عبد الرزاق والطبري من طريق ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى (فهو في الآخرة أعمى) قال: أعمى عن حجته في الآخرة.