وقال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية: ظاهر هذه الآية عدم قبول الشفاعة مطلقاً يوم القيامة. ولكنه بين في مواضع أخر أن الشفاعة المنفية هي الشفاعة للكفار، والشفاعة لغيرهم بدون إذن رب السموات والأرض. أما الشفاعة للمؤمنين بإذنه فهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع. فنص على عدم الشفاعة للكفار بقوله (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) الأنبياء: ٢٨. وقد قال (ولا يرضى لعباده الكفر) الزمر: ٧. وقال تعالى عنهم مقررا له (فما لنا من شافعين) الشعراء: ١٠٠. وقال (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) المدثر: ٤٨.
إلى غير ذلك من الآيات. وقال في الشفاعة بدون إذنه (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) البقرة: ٢٥٥. وقال (وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) النجم: ٢٦. وقال (يؤمئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا) طه: ١٠٩. إلى غير ذلك من الآيات وادعاء شفعاء عند الله للكفار أو بغير إذنه، من أنواع الكفر به جل وعلا. كما صرح بذلك قوله (ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون) يونس: ١٨.
وقال الألوسي عند قوله تعالى (ولا يقبل منها شفاعة) إن النفي مخصص بما قبل الإذن لقوله تعالى (لا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن) طه: ١٠٩.
(روح المعاني ١/٢٥٢) .
قوله تعالى (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب)
أخرج الشيخان بسنديهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال: ما هذا قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه.
((صحيح البخاري رقم ٢٠٠٤ - الصيام، ب صيام يوم عاشوراء) ، (وصحيح مسلم رقم ١٢٨ - الصيام، باب أي يوم يصام عاشوراء) . واللفظ للبخاري. وذكره ابن كثير في (التفسير ١/١٦٧) .