الحيطان هكذا، فصار فيها كوى ينظر بعضهم إلى بعض. قال سفيان: قال أبو سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس: فساروا حتى خرجوا من البحر. فلما جاز آخر قوم موسى، هجم فرعون على البحر هو وأصحابه........ وقيل لموسى: اترك البحر رهوا -قال: طرقا على حاله- قال: ودخل فرعون وقومه في البحر، فلما دخل آخر قوم فرعون، وجاز آخر قوم موسى، أطبق البحر على فرعون وقومه، فأغرقوا.
(ورجاله ثقات والإسناد صحيح، وأبو سعيد هو عبد الكريم بن مالك الجزري، والخبر غالبا ما يكون من أخبار أهل الكتاب وهو شبيه بما تقدم في الآية السابقة ولكن له شواهد من القرآن ذكر بعضها الشيخ الشنقيطي عند تفسيره لهذه الآية فقال: لم يبين هنا كيفية فرق البحر بهم، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر كقوله (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) الشعراء: ٦٣، وقوله (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً) الآية، طه ٧٧) .
قوله تعالى (وأغرقنا آل فرعون)
قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا كيفية إغراقهم ولكنه بينها في مواضع أخر كقوله (فأتبعوهم مشرقين فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين) الشعراء: ٦٠-٦٤. وقوله (فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم) طه: ٧٨. وقوله (واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون) الدخان: ٢٤. وقوله (رهوا) أي ساكنا على حالة انفلاقه حتى يدخلوا فيه، إلى غير ذلك من الآيات.