للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُقْفَلَةٌ، مَفَاتِيحُهَا بِيَدِ الرَّحْمَنِ.

وَذَكَرَهُ أَبُو شَامَةَ، فَقَالَ: كَانَ مِنَ الأَبْدَالِ، لَازِمًا لِطَرِيْقِ السَّلَفِ، أَقَامَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، لَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا (١)، كَذَا قَالَ، وَهُوَ بَعِيْدٌ جِدًّا مِنْ حَالِهِ. وَذَكَرَ مِنْ بَعْضِ كَرَامَاتِهِ مِنْ تَسْخِيْرِ السِّبَاعِ لَهُ، وَلَيْسَ تَحْتَهُ كَبِيْرُ أَمْرٍ. قَالَ: وَسَمِعَ قَاضِي المَارِسْتَانِ، وَابْنَ الحُصَيْنِ، وَابْنَ الطُّيُوْرِيِّ، وَغَيْرَهُمْ، كَذَا قَالَ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا ابْنُ نُقْطَةَ، وَلَا الدُّبَيْثِيُّ، وَلَا القَطِيْعِيُّ، وَلَا المُنْذِرِيُّ، فَمَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ لَهُ هَذَا؟! نَعَمْ كَانَ فِي زَمَنِهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَسنِ الفَارِسِيُّ الصُّوْفِيُّ، منْ صُوفِيَّةِ رِبَاطِ الزَّوْزَنِيِّ، رَوى عَنِ القَاضِيْ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ، فَلَعَلَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ، وَهَذَا تُوُفِّيَ بَعْدَ الحَسَنِ بنِ مُسلَّمٍ بِسَنَتَيْنِ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ (٢)، ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ القَادِسِيِّ ذَكَر: أَنَّ الحَسَنَ هَذَا سَمِعَ مِنْ قَاضِي المَارِسْتَانِ. قَالَ: وَكَانَ أَحَدَ الزُّهَّادِ الأَوْتَادِ، والأَبْدَالِ العُبَّادِ، المَوْصُوْفِيْنَ بِالتُّقَى وَالسَّدَادِ، يَصُوْمُ النَّهَارِ، وَيَقُوْمُ اللَّيْلَ، بَقِيَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ يُكَلِّمْ فِيْهَا أَحَدًا، كَثِيْرَ الاِجْتِهَادِ فِي العِبَادَةِ، كَثِيْرَ البُكَاءِ، غَزِيْرَ الدَّمْعَةِ، رَقِيْقَ القَلْبِ، لَهُ الفِرَاسَةُ الصَّائِبَةُ.


(١) وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ، وَلَعَلَّهُ لَا يَثْبُتُ عَنْهُ، وَكَيْفَ يَتَّفِقُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: "عَلَى مَنْهَجِ السَّلَفِ" وَهَلْ هَذَا مِنْ هَدْيِ السَّلَفِ وَمَنْهَجِهِمْ، وَسَيَأْتِي نَقْلُ المُؤَلِّفِ هَذَا أَيْضًا عَنِ ابنِ القَادِسِيِّ فَيَجِبُ أَنْ يَكُوْنَ الانْتِقَادُ وَارِدًا عَلَيْهِ أَيْضًا، وَقَدْ رَدَّ المُؤَلِّفُ هَذَا هُنَاكَ؟!
(٢) ترَجَمَةُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا فِي التَّكْمِلَةِ لوَفَيَاتِ النَّقَلَةِ (١/ ٣٦٠)، وَسِيرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (٢١/ ٣٣٥)، ذَكَرَهُ وَلَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ، وَالمُخْتَصرِ المُحْتَاجِ إِلَيْهِ (١/ ٢٨٢)، وَتَارِيْخِ الإِسْلامِ (٢٣٦).