للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَتَّى إِنَّ ابنَ الدُّبَيْثِيِّ قَالَ: لَوْ تَمَّ كِتاُبهُ "دِيْوَانُ الإسلَامِ" لَظَهَرَتْ فَضَائِحُهُ، فَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ. وَقَدْ ذَكَرَ ابنُ نُقْطَةَ: أَنَّهُ رَأَى بَعْضَ تَارِيْخِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيْهِ طَعْنًا، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابنُ القَادِسِيِّ عَنْهُ: كَانَ خَطِيْبًا، بَلِيْغًا، شَاعِرًا، حَافِظًا، مُحَدِّثًا، فَصِيْحًا. سَافَرَ، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أُمَمٍ لَا تُحْصَى وَاسْتَشْهَدَهُمْ، وَصنَّفَ عِدَّةَ مُصَنَّفَاتٍ فِي التَّوَارِيْخِ وَغَيْرِهَا، وَلَهُ "تَارِيْخُ مَدِيْنَةِ السَّلَامِ" عَلَى وَضْعِ كِتَابِ الخَطِيْبِ، وَهُوَ كِتَابٌ نَفِيْسٌ، وَقَدْ ذَكَرَ فِيْهِ أَقْوَامًا، ذَكَرَ أَنَّهُمْ لَا يُعْرَفُوْنَ، وَقَدْ عَظَّمَهُمْ هُوَ وَوَصَفَهُمْ. وَقَدْ طَعَنَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ عَلَيْهِ وَجَرَّحُوْهُ، مِنْهُمْ شَيْخُنَا ابنُ الجَوْزِيِّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ ابنُ الأخْضَرِ. وَحَدَّثَ بِـ"بَغْدَادَ" وَرَوَى عَنْ أَبي الوَقْتِ، وَقَرَأَ عَلَى أَبي مُحَمَّدٍ بنِ الخَشَّابِ.

قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ السِّبْطُ: كَانَ ابنُ المَارِسْتَانِيَّةَ هُوَ الَّذِي قَرَأَ كُتُبَ عَبْدِ السَّلَامِ ابنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ يَوْمَ أُحْرِقَتْ، كَانَ يَقْرَأُ الكِتَابَ، وَيُقُوْلُ: يَا عَامَّةُ، هَذَا عَبْدُ السَّلَامِ يَقُوْلُ: مَنْ بَخَّرَ زُحَلَ بِكَذَا وَكَذَا، وَقَالَ: يَا إِلهِي يَا عِلَّةَ العِلَلِ، نَالَ مَا أَرَادَ، فَيَلْعَنَهُ النَّاسُ وَيَضُجُّوْنَ بِذلِكَ، فَلَمَّا خُلِعَ عَلَى ابنِ المَارِسْتَانِيَّةِ، وَأُرْسِلَ إِلَى "تِفْلِيْسَ" خَرَجَ مِنْ دَارِ الوَزِيْرِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ الحُجَّابُ، وَأَرْبَابُ الدَّوْلَةِ فَوَقَفَ لَهُ عَبْدُ السَّلَامِ وَتَقَدَّمَ إِلِيْهِ، وَقَالَ لَهُ سِرًّا فِيْمَا بَيْنَهُمَا: السَّاعَةَ مَنْ بَخِّرُ زُحَلَ أَنَا أَوْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا.

وَتُوُفِّيَ ابنُ المَارِسْتَانِيَّةَ في رُجُوْعِهِ مِنْ "تَفْلِيْسَ" بِمَوْضِع يُعْرَفُ بـ"خَرَجْ بِنْدَ" لَيْلَةَ الأحَدِ غُرَّةَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ، وَدُفِنَ هُنَاك، سَامَحَهُ اللهُ. وَقَالَ القَادِسِيُّ: تُوُفِّيَ بـ"حرخَتِيْد" فِي سَلْخِ ذِي