للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المُوَفَّقُ عَنْهُ: كَانَ جَوَادًا، يُؤثِرُ بِمَا تَصِلُ إِلَيْهِ يَدُهُ سِرًّا وَعَلَانِيَةً.

وَسَمِعْتُ أَبَا الثَّنَاءِ مَحْمُوْدَ بْنَ هَمَّامٍ يَحْكِي عَنْ رَجُلٍ كَانَ بِمَسْجدِ الوَزِيْرِ، فَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِ المُوَفَّقِ شَيْءٌ، فَلَمْ يُعْطُوْهُ جَامَكيَةً (١) قَالَ: فَبَقِيْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَيْسَ لَنَا شَيءٌ، فَدَخَلْتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أُصَلِّي، وَسَلَّمْتُ بَعْدَ العَصْرِ عَلَى الحَافِظِ، فَقَالَ لِي: اقْعُدْ، فَقَعَدْتُ، فَلَمَّا قَامَ مَشَيْتُ مَعَهُ إِلَى خَارِجِ الجَامِعِ، فَنَاوَلَنِي نَفَقَةً وَقَالَ: اشتَرْ لِبَيْتِكَ شَيْئًا وَمَضَى، فَاشتَرَيْتُ نِصْفَ خَرُوفٍ مَشْوِيٍّ وَخُبْزًا كَثِيْرًا، وَحَلْوَاءَ، وَاكْتَرَيْتُ حَمَّالًا وَمَضَيْتُ إِلَى أَهْلِي، فَعَدَدْتُ مَا بَقِيَ فَإِذَا هُوَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.

وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ وَقَعَ بِـ"مِصْرَ" غَلَاءٌ وَهُوَ بِهَا، فَكَانَ يُؤثِرُ بِعَشَائِهِ عِدَّةَ لَيَالِي وَيَطْوِي، قَالَ: وَقَالَ لِي أَبُو الفَتْحِ وَلَدُهُ (٢): وَالِدِي يُعْطِي النَّاسَ الكَثِيْرَ، وَنَحْنُ لَا يَبْعَثُ إِلَيْنَا شَيْئًا، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَبْلَغُ مَا سَأَلَ العَبْدُ رَبَّهُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءٍ؛ رِضْوَانُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالنَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ الكَرِيْمِ، وَالفِرْدَوْسِ الأعْلَى. وَسَمِعْتُ خَالِيَ أَبَا عُمَرَ قَالَ: قَالَ الحَافِظُ: يُقَالُ: مِنَ العِصْمَةِ أَنْ لَا تَجِدَ، ثُمَّ قَالَ: هِيَ أَعْظَمُ العِصْمَةِ؛ فَإِنَّهَا عِصْمَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنَ إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيَّ (٣) قَالَ: سَأَلْتُ الحَافِظَ، فَقُلْتُ: هَؤُلَاءِ المَشَايِخُ يَحْكِي عَنْهُمْ مِنَ الكَرَامَاتِ مَا لَا


(١) الجَامَكيةُ: المُرَتَّبُ الشَّهْرِي أو السَّنَوِي.
(٢) مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ (ت: ٦١٣ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(٣) المُتَوَفِّى سنة (٦٢٤ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ أيضًا.