للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: هَذِهِ -وَاللّهِ- كَرَامَةٌ لَكَ، فَقَالَ لِي: قُلْ: أَسْتَغْفِرُ اللّهَ، هَذَا المَاءُ لَعَلَّهُ كَانَ مُحْتَبَسًا، لَا تَقُلْ هَذَا (١).

وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ جُنْدِيٌّ بِـ"القُدُسِ" أَنَّ الحَافِظَ نَزَلَ عِنْدَهُمْ بِـ"القُدْسِ"، وَكَانَ فِي دَارِهِمْ صِهْرِيْجٌ قَدْ نَقَصَ مَاؤُهُ، قَالَ: فَقَالَ لِي الحَافِظُ لَيْلَةً: قَدْ ضَيَّقنَا عَلَيْكُمْ فِي المَاءِ، فَقُلْتُ: بَلْ يَجْعَلُ اللّهُ فِيْهِ البَرَكَةَ، فَقَالَ: نَعَمْ جَعَلَ اللّهُ فِيْهِ البَرَكَةَ، فَلَمَّا كَانَ الفَجْرُ إِذَا بِالمَاءِ قَدْ زَادَ نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ.

وَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الجَبَّارِ المُقْرِئَ (٢) قَالَ: كَانَ لأهَلِ بَيْتِي ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِ الحَافِظِ يَدَّخِرُوْنَهُ لِلْمَوْتِ، وَمِلْحَفَةٌ مِنْ أثَرِ أُمِّهِ، قَالَ: فَسُرِقَ مَا فِي بَيْتِنَا مِنَ الثِّيَابِ، فَفَتَّشُوا عَلَى الثَّوْبِ وَالمِلْحَفَةِ فَلَمْ يَجِدُوْهُمَا، فَحَزِنُوا عَلَيْهِمَا، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ وَجَدُوْهُمَا فِي الصُّنْدُوْقِ، وَقَدْ كَانُوا فتَّشُوا قَبْلَ ذلِكَ وَلَمْ يَجِدُوْهُمَا.

قَالَ الضِّيَاءُ: وَكُنْتُ أَنَا وَجَمَاعَةٌ نَسْمَعُ عَلَى الحَافِظِ بِالمُصَلَّى الَّذِي بِجَبَلِنَا فِي شِدَّةِ الحَرِّ، فَقَالَ: لَوْ كُنَّا نَقُوْمُ مِنْ هَذَا الحَرِّ إِلَى المَسْجِدِ، فَهَمَمْنَا بِالقِيَامِ وَلَعَلَّ بَعْضَنَا قَامَ، فَإِذَا سَحَابَةٌ قَدْ غَطَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: اقْعُدُوا، فَرَأَيْتُ بَعْضَ أَصحَابِنَا يَنْظُرُ إِلَى بَعْضٍ، وَيُسِرُّونَ (٣) الكَلَامَ بَيْنَهُمْ


(١) هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تُفَسَّرَ مِثْلَ هَذِهِ الظَّواهِرِ، وَلَا يُسَارَعُ إِلَى ادِّعَاءِ الكَرَامَةِ فِي كُل شَيْءٍ.
(٢) هُوَ الْمَعْرُوْفُ بِـ"الرَّضِيِّ" (ت: ٦٣٥ هـ) حَنْبَلِيُّ اسْتَدْرَكْتُهُ عَلَى المُؤَلِّفِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- فِي مَوْضِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(٣) في (ط): "يَسْرُدُوْنَ".