للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَأَشْتَاقُكُمْ يَا أَهْلَ وُدِّي وَبَيْنَنَا … كَمَا زَعَمَ البَيْنُ المُشِتُّ فَرَاسِخُ

فَأَمَّا الكَرى عَنْ نَاظِرِي فَمُشَرَّدٌ … وَأَمَّا هَوَاكُمْ فِي فُؤَادِي فَرَاسِخُ

وَذَكَرَهُ النَّاصِحُ بْنُ الحَنْبَلِيِّ، فَقَال: اشْتَغَلَ بِالفِقْهِ، وَسَمِعَ دَرْسَ شَيْخِنَا ابْن المَنِّيِّ، وَتَكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، وَاشْتَغَلَ بِالوَعْظِ، وَفُتِحَ عَلَيْهِ بِالنَّظْمِ وَالنَّثْرِ، وَرَجَعَ إِلَى "حَرَّانَ" وَوَعَظَ بِهَا مُدَّةً، ثُمَّ سَافَرَ إِلَى "دِمَشْقَ" وَحَضَرَ مَجْلِسِي، وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يَجْلِسَ فَامْتَنَعَ وَقَال: مَا أَجْلِسُ فِي بَلَدٍ تَجْلِسُ أَنْتَ فِيْهِ، كَأَنَّهُ يُكْرِمُنِي بِذلِكَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى "بَغْدَادَ".

وَقَالَ ابْنُ القَادِسِيِّ: كَانَ دَيِّنًا، صَالِحًا، ذَا مَعْرِفَةٍ، عَذْبَ العِبَارَةِ، مَلِيْحَ الكَلَامِ، كَيِّسًا، مُتَوَاضِعًا، عَقَدَ مَجَالِسَ الوَعْظِ بِـ"بَغْدَادَ".

قُلْتُ: وَقَدْ سَبَقَ فِي تَرْجَمَةِ شَيْخِهِ ابْنِ المَنِّيِّ مَرْثِيَّةً لَهُ فِيْهِ (١) وَكَانَ يُفْتِي بِـ"بَغْدَادَ" مَعَ أَكَابِرِ فُقَهَائِهَا.


(١) تَقَدَّمَتْ فِي تَرْجَمَتِهِ، وفي (عُقُوْدِ الجُمَانِ) لابنِ الشَّعَّارِ: "أَنْشَدَنِي أَبُو الفَضْلِ عُمَرُ بنُ عَلِيَّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ هُبَيْرَةَ، قَالَ: أَنْشَدَنِي وَالِدِي قَالَ: كَتَبَ إِليَّ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الصَّيْقَلَ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ رَحَلْتُ مِن مَدِيْنَةِ "حَرَّانَ" وَأَقَمْتُ بِـ"مِصْرَ" صَدْرَ كِتَابٍ:
وَكُنَّا نُرَى "حَرَّانَ" أَطْيَبَ مَنْزِلٍ … فَمُذْ غِبْتُمُ عَنْهَا اسْتَبَانَتْ عُيُوْبُهَا
وَبَانَ لَنَا صِدْقُ الَّذي قَالَ قَبْلُنَا … "هَوَى كُلُّ نَفْسٍ حَيْثُ حَلَّ حَبِيْبُهَا"
وَالشَّطْرُ الأَخِيْرُ ضَمَّنَهُ شَطْرَ بَيْتٍ لِمَجْنُوْنِ لَيْلَى، وَصَدْرُهُ فِي دِيْوَانِهِ (٧٢، ٧٣):
* فَلَا تَعْذِلُوْنِي فِي الخِطَارِ بِمُهْجَتِي *
وَلَهُ صُدُوْرٌ أُخْرَى فِي دِيْوَانِهِ أَيْضًا، تُراجع هُنَاكَ، وَالخِطَارُ: المُخَاطَرةُ.