مَعَ صَاحِبِهِ القَبْرَ. وَيَقُوْلُ: إِذَا لَمْ تَتَصَدَّقُوا لَا يَتَصَدَّقُ أَحَدٌ عَنْكُمْ، وَإِذَا لَمْ تُعْطُوا السَّائِلَ أَنْتُمْ أَعْطَاهُ غَيْرُكُمْ، وَكَانَ يُحِبُّ اللَّبَنَ المُصَفَّى بِخِرْقَةٍ، فَعَمِلَ لَهُ مِنْهُ مَرَّةً فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، فَقِيْلَ لَهُ، فَقَالَ: تَرَكْتُهُ لِحُبِّي إِيَّاهُ، ثُمَّ لَمْ يَأْكُلْهُ بَعْدَ ذلِكَ، وَكَانَ إِذَا خَطَبَ تَرِقُّ القُلُوْبُ، وَيَبْكِي بَعْضُ النَّاسِ بُكَاءً كَثِيرًا، وَكَانَ لَهُ هَيْبَةٌ عَظِيْمَةٌ فِي القُلُوْبِ، حَتَّى كَانَ أَحَدُ الطَّلَبَةِ يُرِيْدُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ شَيءٍ فَمَا يَجْسُرُ أَنْ يَسْأَلَهُ، وَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ سَكَتُوا، وَخَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ، وَإِذَا عَبَرَ فِي طَرِيْقٍ وَالصِّبْيَانُ يَلْعَبُوْنَ هَرَبُوا، وَإِذَا أَمَرَ بِشَيْءٍ لَا يَجْسُرُ أَحَدٌ أَنْ يُخَالِفَهُ، وَكَانَ كَثِيْرًا مَا يَكْتُبُ إِلَى أَرْبَابِ الوِلَايَاتِ شَفَاعَاتٍ لِمَنْ يَقْصِدُهُ، فَقَالَ لَهُ المُتَوَلِّي يَوْمًا: إِنَّكَ تَكْتُبُ إِلَيْنَا فِي قَوْمٍ لَا نُرِيْدُ أَنْ نَقْبَلَ فِيْهِمْ شَفَاعَةً، وَنَشْتَهِي أَنْ لَا نَرُدَّ رُقْعَتَكَ، فَقَالَ: أمَّا أَنَا فَقَدْ قَضَيْتُ حَاجَةَ مَنْ قَصَدَنِي، وَأَنْتُمْ إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا وَرَقَتِي وَإِلَّا فَلَا، فَقَالَ لَهُ: لَا نَرُدَّهَا أَبَدًا، وَاحْتَاجَ النَّاسُ فِي سَنَةٍ إِلَى المَطَرِ، فَطَلَعَ مَعَهُمْ إِلَى "مَغَارَةِ الدَّمِ" وَمَعَهُ نِسَاءٌ مِنْ مَحَارِمِهِ، وَاسْتَسْقَى وَدَعَا، فَجَاءَ المَطَرُ حِيْنَئِذٍ، وَجَرَتْ الأَوْدِيَةُ شَيْئًا لَمْ يَرَهُ النَّاسُ مِنْ مُدَّةٍ، وَلَهُ كَرَامَاتٌ كَثِيْرَةٌ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ قَالَ: جِئْنَا مَرَّةً إِلَى عِنْدَهُ، وَنَحْنُ ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ جِيَاعٌ، فَقَدَّمَ إِلَيْنَا سُكُرُّجَةُ (١) فِيْهَا لَبَنٌ، وَكُسَيْرَاتٌ، فَأَكَلْنَا وَشَبِعْنَا، وَأَنا أَنْظُرُ إِلَيْهَا
(١) بِضَمَّتَيْنِ، وَشَدَّ الرَّاءِ المَفْتُوْحَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَضُمَّهَا، والصَّوَابُ: "أُسْكُرُّجَةُ" بالهَمْزَةِ، فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبُ: "سُكُرَه" إِنَاءُ صَغِيْرٌ يُسْتَعْمَلُ فِي المُشَهِّيَاتِ والهَاضُوْمَاتِ عَلَى المَوَائِدِ حَوْلَ الطَّعَامِ. . ." قَصْد السَّبِيْلِ (٢/ ١٤٢). وَيُرَاجَعُ: (١/ ١٨٥)، والمُعَرَّبُ (٧٥)، =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute