للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجَيْبِ، وَفِي يَدِهِ عَصًا، وَالمِنْبَرُ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثُ مَرَاقٍ، وَكَانَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَيَحْضُرُ الغَزَوَاتِ مَعَ صَلَاحِ الدِّينِ.

وَكَانَ أَخُوْهُ المُوَفَّقُ يَقُوْلُ عَنْهُ: هُوَ شَيْخُنَا، رَبَّانًا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا، وَعَلَّمَنَا، وَحَرِصَ عَلَيْنَا، وَكَانَ لِلْجَمَاعَةِ كَالوَلَدِ يَقُومُ بمَصَالِحِهِمْ، وَمَنْ غَابَ مِنْهُمْ خَلفَهُ فِي أَهْلِهِ، قَالَ: وَكَانَ أَبِي أَحْمَدُ قَدْ تَخَلًّى عَنْ أُمُوْرِ الدُّنْيَا وَهمُوْمِهَا، فَكَانَ المَرْجِعُ فِي مَصَالِحِ الأَهْلِ إِلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي هَاجَرَ بِنَا، وَسَفَّرَنَا إِلَى "بَغْدَادَ" وَبَنَى الدَّيْرَ، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ "بَغْدَادَ" زَوَّجَنَا وَبَنَى لَنَا دُوْرًا خَارِجَةً عَنِ الدَّيْرِ وَكَفَانَا هُمُوْمَ الدُّنْيَا، وَكَانَ يُؤثِرُنَا، وَيَدَعُ أَهْلَهُ مُحْتَاجِيْنَ، وَبَنَى المَدْرَسَةَ وَالمَصْنَعَ بِعُلُوِّ هِمَّتِهِ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَمَا كَتَبَ لأَحَدٍ وَرَقَةً للْحُمَى إِلَّا شَفَاهُ اللهُ تَعَالَى.

قَالَ أبو المُظَفرِ (١): وَكَرَامَاتُهُ كَثِيْرَةٌ، وَفَضَائِلُهُ غَزِيْرَةٌ، فَمِنْهَا: أَنِّي صَلَّيْتُ يَوْمَ جُمُعَةٍ بِجَامِعِ الجَبَلِ فِي أَوَّلِ سنَةِ سِتٍّ وَسِتِّمَائَةَ، وَالشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ اليُوْنَانِي (٢) إِلَى جَانِبِي، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ الخُطْبَةِ وَأَبُو عُمَرَ يَخْطُبُ نَهِضَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ مُسْرِعًا، وَصَعَدَ إِلَى مَغَارَةٍ قَرِيْبَةٍ وَكَانَ نَازِلًا بِهَا، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ احْتَاجَ إِلَى الوُضُوْءِ، أَوْ آلَمَهُ شَيءٌ، فَلَمَّا صَلَّيتُ الجُمُعَةَ صَعَدْتُ وَرَاءَهُ، وَقُلْتُ لَهُ:


(١) في (ط): "أَبُو المُظَرِ" خَطَأ طِباعة.
(٢) اليُونَانِي: هُوَ "اليُونيْنِي" مَنْسُوبٌ إِلَى "يُونِيْنَ" مِنْ قُرَى "بَعْلَبَكَّ" مُعْجَمُ البُلْدَانِ (٥/ ٥١٧)، يُنْسَبُ إِلَيْهَا كَثِيْرٌ مِنَ الحَنَابِلَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَعَبْدُ اللهِ المَذكُور هُنَا. لَعَلَّهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ جَعْفَرٍ (ت: ٦١٧ هـ) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.