للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَدَخَلَ دَارًا فَسَأَلْتُ: لِمَنْ هِيَ؟ فَقِيْلَ: للشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، رَحِمَهُ اللهُ.

وَقَدْ رَثَاهُ الأَدِيْبُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ (١) المَقْدِسِيُّ (٢) بِقَصِيْدَةٍ مِنْهَا:

أَبَعْدَ أَنْ فَقَدَتْ عَيْنِي أَبَا عُمَرٍ … تَضُمُّنِي فِي بَقَايَا العُمْرِ عُمْرَانُ

ما لِلْمَسَاجِدِ مِنْهُ اليَوْمَ مُقْفِرَةً … كَأَنَّهَا بَعْدَ ذاكَ الجَمْعِ قِيْعَانُ

مَا لِلْمَحَارِيْبِ بَعْدَ الأُنْسِ مُوْحِشَةً … كَأَنَّ لَمْ يُتْلَ فِيْهَا الدَّهْرَ قُرْآنُ

تَبْكِي عَلَيْهِ عُيُوْنُ النَّاسِ قَاطِبَةً … إِذْ كَانَ فِي كُلِّ قَلْبِ مِنْهُ نِيْرَانُ

وَكُلَّ حَيٍّ رَأَيْنَا فَهْوَ ذُو أَسَفٍ … وَكُلُّ مَيْتٍ رَآهُ فَهْوَ فَرْحَانُ،

لَا زَالَ يَسْقِي ضَرِيْحٌ أَنْتَ سَاكِنُهُ … سحَائِبٌ غَيْثُهَا عَفْوٌ وَغُفْرَانُ

كَمْ مَيِّتٍ ذِكْرُهُ حَيٌّ وَمُتَّصِفٍ … بِالحَيِّ مَيْتٌ لَهُ الأَثْوَابُ أَكْفَانُ


(١) في (ط): "سَعِيْد".
(٢) تَقَدَّمَ ذِكْرُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ (ت: ٦٥٠ هـ)، وَتَرْجَمَ لَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ، والقَصِيْدَةُ فِي "المَنَاقِبِ" وَهيَ طَوِيْلَةٌ وَأَوَّلُهَا:
يَا عَاذِلَيَّ أَفِيْقَا مِنْ كَلَامِكُمَا … وَعَلِّلَانِي فَإِنِّي اليَوْمَ سَكْرَانُ
وَأَنْشَدَ لَهُ مَقْطوْعَةً أُخْرَى علَى لِسَانِ وَلَدِهِ الشَّيْخِ شَمْسِ الدَّيْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عُمَرَ؛ لأَنَّهُ كَانَ صَغِيْرًا لَمَّا مَاتَ أَبُوهُ. أَوَّلُهَا:
لَا تَعْجَبُوا مِنْ تَبَارِيْحِي وَمِنْ فِكَرِي … هَدَّ الأكَابِرَ مَا لَاقَيْتُ في صِغَرِي
قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: "أَنْشَدَنَا أَبُو المَفَاخِرِ الفَضْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَسْعَدَ بنِ أَحمَدَ المُزْدَقَانِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي وَالِدي أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدَ لِنَفْسِهِ فِي الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ، وَيَذْكُرُ أَخَاهُ المُوَفَّقُ وَيعَزِّيْهِ:
دَمِي مَعْ دُمُوعِي يَومَ بَيْنِهِمْ هَمَى … وَذُو الوَجْدِ قَدْ تَجْرِي مَدَامِعُهُ دَمَا
وَهِي طَوِيْلَةٌ تَجِدُهَا هُنَاكَ.