للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَصْحَابِنَا، وَأَعْظَمِهِمْ نَفْعًا، وَأَشَدِّهِمْ وَرَعًا، وَأَكْثَرِهِمْ صَبْرًا عَلَى تَعْلِيْمِ القُرْآنِ وَالفِقْهِ، وَكَانَ دَاعِيَةً إِلَى السُّنَّةِ، وَتَعْلِيمِ العِلْمِ وَالدِّيْنِ، وَكَانَ يُقْرِئُ الضُّعَفَاءِ الفُقرَاءِ، وَيُطْعِمُهُمْ وَيَبْذُلُ لَهُمْ نَفْسَهُ، وَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ تَوَاضُعًا، وَاحْتِقَارًا لِنَفْسِهِ، وَخوْفًا مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَمَا أَعْلَمُ أَنَّنِي رَأَيْتُ أَشَدَّ خَوْفًا مِنْهُ، وَكَانَ كَثِيْرَ الدُّعَاءِ وَالسُّؤَالِ للهِ تَعَالَى، وَكَانَ يُطيْلُ الرُّكُوْعَ والسُّجُوْدِ فِي الصَّلَاةِ، وَيَقْصُدُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِصَلَاةِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ يَعْذِلُهُ فِي ذلِكَ، وَنُقِلَتْ لَهُ كَرَامَاتٌ كَثِيْرَةٌ.

وَقَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: كَانَ عَالِمًا بِالقُرْآنِ، وَالنَّحْوِ، وَالفَرَائِضِ، وَغَيْرِ ذلِكَ مِنْ العُلُوْمِ، وَصَنَّفَ كِتَابَ "الفُرُوْقِ فِي المَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ" وَصَنَّفَ كِتَابًا فِي "الأَحْكَامِ" لكِنَّهُ لَمْ يُتِمَّهُ، وَكَانَ مَلِيْحًا، وَكَانَ مِنْ كَثْرَةِ إِشْغَالِهِ وَاشْتِغَالِهِ لَا يَتَفَرَّغُ لِلْتَّصْنِيْفِ وَالكِتَابَةِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ الشَّيْخَ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ يَقُوْلُ: مَا نَقْدِرُ نَعْمَلُ مِثْلَ العِمَادِ - رَحِمَهُ اللهُ - كَانَ يَتَأَلَّفُ النَّاسَ وَيُقْرِؤُهُمْ، حَتَّى إِنَّهُ رُبَّمَا رَدَّدَ علَى إِنْسَانٍ كَلِمَاتٍ يَسِيْرَةٍ مِنْ سَحَرَ إِلَى الفَجْرِ.

وَقَال الضِّيَاءِ: كَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - يَتَأَلَّفُ النَّاسَ، وَيَلْطَفُ بِالغُرَبَاءِ وَالمَسَاكِيْنِ، حَتَّى صَارَ مِنْ تَلَامِيْذِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَكْرَادِ وَالعَرَبِ وَالعَجَمِ، وَكَانَ يَتَفَقَّدُهُمْ، وَيَسْأَلُ عَنْهُمْ، وَعَنْ حَالِهمْ، وَلَقَدْ صَحِبَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَنْوَاعِ المَذَاهِبِ، فَرَجَعُوا عَنْ مَذَاهِبِهِمْ لِمَا شَاهَدُوا مِنْهُ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُوْنَ عَنْهُ، وَيَذْكُرُوْنَ لَنَا مِنْ كَرَامَاتِهِ، وَكَرَمِهِ، وَحُسْنِ عِشْرَتِهِ، وَكَانَ سَخِيًّا، جَوَادًا، كَثِيْرَ المَعْرُوْفِ، حَتَّى كَانَ بَيْتُهُ مَأْوَى للنَّاسِ، وَكَانَ يَنْصَرِفُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى بَيْتِهِ مِنَ الفُقَرَاءِ