الظَّالِمِ لِدَفْعِ ظُلْمِهِ عَلَى عَامِلِ الخَرَاجِ، وَذَاكَرْتُ بِذلِكَ شَيْخِي أَبَا البَقَاءِ فَلَمْ يُصَوِّبْهُ، قَالَ: ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ عَقِيْلٍ فِي "فُنُوْنِهِ" صَرَّحَ بِمَا خَرَّجْتُهُ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ شَيْخَنَا أَبَا البَقَاءِ يَقُوْلُ: فِيْمَنْ رَأَى رَجُلًا نَائِمًا، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ: لَا يُوْقِظُهُ؛ لأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ، قَالَ: وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي حَكِيْمٍ.
قَالَ: وَقَرَأْتُ بِخَطِّ بَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي الخَطَّابِ: أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الخَطَّابِ عَنْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ يُوْقِظُهُ، قَالَ: وَحَكَى عَنْ شَيْخِنَا أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ مِثْلَ ذلِكَ، قَالَ: وَرَأَيْتُ فِي "فُنُوْنِ ابْنِ عَقِيْلٍ" هَذِهِ المَسْأَلَةَ، وَقَدْ جَرَتْ فِيْهَا مُذَاكَرَاتٌ بَيْنَ ابْنِ عَقِيْلٍ وَرَجُلٍ آخَرَ مُعَيَّنٍ، وَاخْتَلَفَا فِي ذلِكَ.
وَمِنْ كَلَامِهِ فِي "حَوَاشِي المُفَصَّلِ" (١)، "أَفْعَلُ" تُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَضْلَ المَذْكُوْرِ زَائِدٌ عَلَى فَضْلِ مَنْ أُضِيْفَ إِلَيْهِ "أَفْعَلَ" فَهَذَا يُسْتَعْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، بِـ "مِنْ" كَقَولِكَ: زَيْدٌ أَفْضَلُ مِنْ عَمْرٍو، وَهَذَا لَا يُثَنَّى، وَلَا يُجْمَعُ وَلَا يُؤَنَّثُ، لِعِلَّةٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهَا، وَبِالإِضَافَةِ كَقَوْلِكَ: زَيْدٌ أَفْضَلُ القَوْمِ، وَهَذَا لَا يُضَافُ إِلَى مُضَافٍ إِلَى ضَمِيرِهِ، فَلَا تَقُوْلُ: زَيْدٌ أَفْضَلُ إِخْوَتِهِ، وَبِالأَلِفِ وَاللَّامِ، كَقَوْلِكَ: زَيْدٌ الأَفْضَلُ.
(١) سَمَّاهُ هُنَا "حَوَاشِيَ" وَسَبَقَ لَهُ أَنْ ذَكَرهُ بِاسْمِ "تَعْلِيْق .. " وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَيُسْتَبْعَدُ مَعَهُمَا أَنْ يَكُوْنَ شَرْحًا مُتَكَامِلًا كَمَا يُفْهَمُ مِن معْنَى الشَّرْحِ؛ لِذلِكَ اسْتَبْعَدْتُ كَثِيْرًا مِمَّا نُسِبَ إِلَيْهِ مِنَ الشُّرُوْحِ المُتكَامِلَةِ؛ لِهَذَا وَلِغَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute