شَيْءٌ مَطْرُوْحٌ، ثُمَّ قَامَ الشَّيْخُ الفَخْرُ يُفَرِّقُ مِنْهُ عَلَى الحَاضِرِيْنَ، كَمَا يُفْعَلُ فِي المِلَاكِ، قَالَ الرَّائِي: فَقُلْتُ لِلْشَّيْخِ الفَخْرِ: يَا سَيِّدِي أَخْبِرْنِي المَوْتُ كَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: وَاللهِ المَوْتُ وَقْتَ حُضُوْرِهِ صَعْبٌ شَدِيْدٌ، وَبَعْدَ المَوْتِ كُلُّهُ هَيِّنٌ، ثُمَّ قَالَ لِي: الصَّلَاةُ يَا عَبْدَ اللهِ، مَا شَيءٌ أَفْضَلُ مِنْهَا، فَمَنْ وَاظَبَ عَلَيْهَا وَحَافَظَ عَلَى السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ مَا يَلْقَى إِلَّا الخَيْرَ الكَثِيْرَ.
وَرَأَى رَجُلٌ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وبَيْنَ يَدَيْهِ جِبْرِيْلُ، وَهُمَا جَالِسَانِ فِي مَوْضِعٍ بِـ "حَرَّانَ" فَسَأَلَ الرَّائِي رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَا سَبَبُ حُضُوْرِكُمْ فِي هَذَا المَوْضِعِ؟ فَمَدَّ يَدَهُ وَأَشَارَ إِلَى نَحْوِ بَابِ دَارِ الشَّيْخِ الفَخْرِ، وَقَالَ: الفَخْرُ قَدْ مَاتَ. قَالَ: فَمَاتَ الشَّيْخُ الفَخْرُ فِي الجُمُعَةِ الأُخرَى.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي رَجُلٌ سَمَّاهُ - وَكَانَ فِيْهِ دِيْنٌ وَصَلَاحٌ - قَاَلَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ قَائِلًا يَقُوْلُ: الشَّيْخُ الفَخْرُ كَانَ صَادِقًا مَعَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: الشَّيْخُ الفَخْرُ كَانَ مِنَ الصِّدِّيْقِينَ، قَالَ: وَبعْدُ رَأَيْتُ كَأَنِّي دَخَلْتُ إِلَى الجَامِعِ، فَإِذَا الشَّيْخُ عَلَى الكُرْسِيِّ يتَكَلَّمُ، وَهُوَ يُرَدِّدُ هَذِهِ الأَبْيَاتِ: (١)
طُوبَى لِعَبْدٍ أَحَبَّ مَوْلَاهُ … إِذَا خَلَا فِي الظَّلَامِ نَاجَاهُ
قَدْ كَشَفَ الحُجْبَ عَنْ بَوَاطِنِهِ … فَنُوْرُ مَوْلَاهُ قَدْ تَغَشَّاهُ
يَقُوْلُ يَا غَايَتِي وَيَا أَمَلِي … مَا خَابَ عَبْدٌ تَكُوْنُ مَوْلَاهُ
وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ فِي مَجَالِسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ يُرَدِّدُهَا كَثِيْرًا فِي كَلَامِهِ فِي الوَعْظِ، قَالَ: فَطَرِبْتُ لِسَمَاعِ صَوْتِهِ فِي المَنَامِ.
(١) عَنِ المُؤَلِّفِ فِي "المَنْهَجِ الأَحمَد".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute