سَلَامٌ يَا عِبَادِي نِلْتُمُوْهُ … جَزَاءٌ مِنْ مَلِيْكِكُمُوا وَفَاقَا
فَخَرُّوا ثُمَّ كَادَ العَقْلُ مِنْهُمْ … وَقَدْ لَاقَوْهُ يَنْطَلِقُ انْطِلَاقَا
وَكَيْفَ القَلْبُ لَا يَنْشَقُّ مِنِّي … عَلَى هَذَا بِغُصَّتِهِ انْشِقَاقَا
وَحَوْلَ القَوْمِ أَشْجَارٌ وَرَوْضٌ … مِنَ المُرْجَانِ تَصْطَفِقُ اصْطِفَاقَا
وَحُوْرٌ مِنْ بُطُوْنِ الغَيْبِ تَبْدُو … فَتَعْتَلِقَ القُلُوْبَ بِهَا اعْتِلَاقَا
يُلَاعِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُرُوْرًا … بِوُدٍّ مَا أَتَوا فِيْهِ مَذَاقَا
فَمَنْ رَامَ الخُلُوْدَ بِدَارِ عَدْنٍ … يُشَمِّرُ فِي تَطَلُّبِ ذَاكَ سَاقَا
وَيُلْزِمُ نَفْسُهُ سَهَرَ اللَّيَالِي … وَيَكْلَفُ فِي العِبَادَةِ مَا أَطَاقَا
فَلَا وَاللهِ مَا نَالَ المَعَالِي … أَخُو دَعَة يَمُدُّ لَهُ رُوَاقَا
وَيُنْشِدُ مُسْتَظِلًّا فِي فِنَاهُ … أَيَدْرِي الرَّبْعَ أَيَّ دَمِ أَرَاقَا
بَلَى وَاللهِ مَنْ جَدَّ اجْتِهَادًا … وَسَابَقَ فِي رِضَى المَوْلَى سِبَاقَا
وَحَجَّ البَيتَ عَامًا بَعْدَ عَامٍ … وَأَعْمَلَ نَحْوَهُ عِيْسًا دِقَاقَا
وَلَمْ يَرْكَنْ إِلَى الدُّنْيَا غُرُوْرًا … وَقَطَّعَ مِنْ عَلَائِقِهَا الرِّبَاقَا
وَلَا يُلْوِي عَلَى أَهْلٍ وَمَالٍ … وَحَنَّ إِلَى فِرَاقِهِمَا وَتَاقَا
فَطَوْرًا يَقْطَعُ البَيْدَاءِ شَامًا … وَطَوْرًا سَالِكًا فِيْهَا عِرَاقَا
وَفَارَقَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا مُطِيْعًا … وَأَقْبَلَ نَحْوَ أُخْرَاهُ اشْتِيَاقَا
وَعَانَى مِنْ أَلِيْمِ الشَّوْقِ وَجْدًا … وَكَابَدَ مِنْ تَلَهُّبِهِ احْتِرَاقَا
وَرَافَقَ مَنْ يُرَافِقُهُ بِرِفْقٍ … وَلَا يَشْكُو إِلَى أَحَدٍ رِفَاقَا
جَدِيْرًا أَنْ يَصِيْرَ إِلَى سُرُوْرٍ … يَلَذُّ بِهِ وَيَرْتَفِقُ ارْتِفَاقَا