للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالمَيْلِ إِلَى السَّلَاطِيْن (١)، وَالاِنْقِطَاعِ إِلَى المَلِكِ الصَّالِحِ.

وَالعَجَبُ: أَنَّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ كَانَا مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ مَيْلًا إِلَى المُلُوْكِ، وَالتَّوَصُّلِ إِلَيْهِمْ، وَإِلَى بِرِّهِمْ بِالوَعْظِ وَغَيْرِهِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ القَائِلِ (٢):

لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ … عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيْمٌ

وَلَقَدْ كَانَ أَبُو مُوسَى أَتْقَى للهِ وَأَوْرَعَ، وَأَعْلَمَ مِنْهُمَا وَأَكْثَرَ عِبَادَةً، وَأَنْفَعَ لِلنَّاسِ، وَبَنى المَلِكُ الأَشْرَفُ "دَارَ الحَدِيْثِ" بِـ "السَّفْحِ عَلَى اسْمِهِ، وَجَعَلَهُ شَيْخَهَا، وَقَرَرَ لَهُ مَعْلُوْمًا، فَمَاتَ أَبُو مُوسى قَبْلَ كَمَالِهَا.

تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللهُ - يَوْمَ الجُمُعَةِ، خَامِسَ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَدُفِنَ بِسَفْحِ "قَاسِيُوْنَ" رَحِمَهُ اللهُ.

وَرَآهُ بَعْضُهُم فِي النَّوْمِ، فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: أَسْكَنَنِي عَلَى بِرْكَةِ رِضْوَانَ. وَرَآهُ آخَرُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: لَقِيْتُ خَيْرًا، فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ النَّاسُ؟ قَالَ: يَتَفَاوَتُوْنَ عَلَى قدْرِ أَعْمَالِهِمْ. وَرَآهُ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُ: أُوْصِيْكَ بالدُّعَاءِ الَّذِي حَفَّظْتُكَ إِيَّاهُ فَاحْفَظْهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا بَقِيْتُ أَحْفَظُهُ، فَقَالَ لَهُ: هُوَ مَكْتُوْبٌ فِي الوَرَقَةِ الَّتِي كَتَبْتُهَا لَكَ، فَمَا نَفَعَنِي اللهُ (٣) إِلَّا بِهِ، وَكَانَ الدُّعَاءُ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتنِي وَأَنَا عَبْدُكَ" الحَدِيْثُ.


(١) نَصُّ كَلَامِ السِّبْطِ: "وَكَانَ الجَمَالُ بنُ الحَافِظِ أَحْوَالُهُ مُسْتَقِيْمَةٌ حَتَّى خَالَطَ الصَّالِحَ إِسْمَاعِيْلَ وَأَبْنَاءَ الدُّنْيَا فتَغَيَّرَتْ أَحْوَالُهُ. . .".
(٢) هُوَ أَبُو الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ. كَمَا فِي دِيْوَانِهِ (١٣٠) وَيُنْسَبُ إِلَى غَيْرِهِ.
(٣) بَعْدَهَا فِي (د): "تَعَالَى".