للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَدَرَّسَ بِهَا سَنَةَ ثمَانٍ وَعِشْرِيْنَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُوْدًا، وَحَضَرَتِ الوَاقِفَةُ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ. وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةُ المَذْهَبِ بَعْدَ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ، وَكَانَ يُسَامِيْهِ فِي حَيَاتِهِ.

قَالَ نَاصِحُ الدِّيْنِ: وَكُنْتُ قَدِمْتُ مِنْ "إِرْبِلَ" سَنَةَ وَفَاةِ الشَّيْخِ المُوَفَّقِ، فَقَالَ لِي: قَدْ سُرِرْتُ بِقُدُوْمِكَ مَخَافَةَ أَنْ أَمُوْتَ وَأَنْتَ غَائِبٌ، فَيَقَعُ وَهْنٌ فِي المَذْهَبِ، وَخُلْفٌ بَيْنَ أَصحَابِنَا.

وَقَدْ وَقَعَ مَرَّاتٌ بَيْنَ النَّاصِحُ وَالشَّيْخِ المُوَفَّقِ اخْتِلَافٌ فِي فَتْوًى فِي السَّمَاعِ المُحْدَثِ، أَجَابَ فِيْهَا الشَّيْخُ المُوَفَّقُ بِإِنْكَارِهِ، فَكَتَبَ النَّاصِحُ بَعْدَهُ مَا مَضْمُوْنُهُ: الغِنَاءُ كَالشِّعْرِ، فِيْهِ مَذْمُوْمٌ وَمَمْدُوْحٌ، فَمَا قُصِدَ بِهِ تَرْوِيْحُ النُّفُوْسِ، وَتَفْرِيْجُ الهُمُوْمِ، وَتَفْرِيغُ القُلُوْبِ لِسَمَاعِ مَوْعِظَةٍ، وَتَحْريْكٍ لِتَذْكَرَةٍ فَلَا بَأْسِ بِهِ، وَهُوَ حَسَنٌ، وَذَكَرَ أَحَادِيْثَ فِي تَغنِّي جُوَيْرِيَاتِ الأنْصَارِ، وَفِي الغِنَاءِ فِي الأَعْرَاسِ، وَأَحَادِيْثَ فِي الحُدَاءِ. وَأَمَّا الشَّبَّابَةُ فَقَدْ سَمِعَهَا جَمَاعَةٌ مِمَّنْ لَا يَحْسُنُ القَدْحُ فِيهِمْ مِنْ مَشَايخِ الصُّوْفِيَّةَ وَأَهْلِ العِلْمِ، وَامْتَنَعَ منْ حُضُوْرِهَا الأَكْثَرُ. وَأَمَّا كَوْنُهَا أَشَدُّ تَحْرِيْمًا وَأَعْظَمُ إِثْمًا مِنْ سَائِرِ المَلَاهِي فَهَذَا قَوْلٌ لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ، وَكَيْفَ يَجْعَلُ المُخْتَلَفُ فِيْهِ كَالمُتَّفَقِ عَليْهِ؟ وَكَوْنُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -


= الصَّاحِبَةِ" بِـ "سَفْحِ قَاسِيُون" فَبَنَتْهَا وَوَقَفَتْهَا عَلَى النَّاصِحِ وَالحَنَابِلَةِ، كَذَا فِي الدَّارِس (٢/ ٦٢، ٦٣)، وَذَكَرَ عَنِ ابْنِ شَدَّادٍ أَنَّ النَّاصِحَ أَوَّلُ مَنْ درَّسَ بِهَا. وَنَقَلَ عَنِ الأَسَدِيِّ [ابْن قَاضِي شُهْبَةَ] إنَّه فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وِسِتِّمَائَةَ دَرَّسَ بِـ "الصَّاحِبَةِ" النَّاصِحُ بنُ الحَنْبَلِيِّ فِي شَهْرِ رَجَبٍ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَحَضَرَتِ الوَافِقَةُ وَرَاءَ السِّتْرِ".