المُتَصَدِّرَيْنِ، حَتَّى عَدَّهُ عَجَبًا، وَأَعْجَبُ مِمَّا عَجِبَ مِنْهُ إِمَامٌ مُدَرِّسٌ مُفْتٍ، لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ السَّمَاعِ وَالاِستِمَاعِ، وَلَا بَيْنَ الغِنَاءِ وَالحُدَاءِ، وَلَا بَيْنَ حُكْمِ الصَّغِيْرِ وَالكَبِيْرِ!!
وأَمَّا خَبَرُ عَائِشَةَ فِي زَفَافِ المَرْأَةِ، فَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ، فَلَمْ يُصَحِّحْهُ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ فَلَيْسَ فِيْهِ ذِكْرُ الغِنَاءِ، إِنَّمَا فِيْهِ قَوْلُ الشِّعْرِ، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ غِنَاءٌ، فَلَا يَلْزَمُ مِنَ الرُّخْصَةِ فِيْهِ فِي العُرْسِ الَّذِي أُمِرَ فِيهِ بِالدُّفِّ وَالصَّوْتِ الرُّخْصَةُ فِيْهِ علَى الوَجْهِ الَّذِي يَفْعَلُهُ هَؤُلَاءِ.
وَمِنَ العَجَبِ اسْتِدْلَالُ الفَقِيْهِ علَى إِبَاحَةِ الشَّبَّابَةِ بِأَنَّهُ قَدْ سَمِعَهَا مِنْ الصُّوْفِيَّةِ، وَمَا مِنْ قَبِيْحَةٍ مِنَ القَبَائِحِ، وَلَا بِدْعَةٍ مِنَ البِدَعِ، إِلَّا قَدْ سَمِعَهَا مَشَايِخُ وَشَبَابٌ أَيْضًا، وقَدْ عَلِمَ النَّاصِحُ أَنْوَاعَ الأَدِلَّةِ، فَهَلْ وَجَدَ فِيْهَا فِعْلَ المَشَايِخِ مِنَ الصُّوْفِيَّةِ؟ وَإِنْ كَانَ هَذَا دَلِيْلًا فَلْيَضُمُّهُ إِلَى أَدِلَّةِ الشَّرْعِ المَذْكُوْرَةِ، لِيَكُوْنَ دَلِيْلًا آخَرُ، يُغْرَبُ بِهِ عَلَى مَنْ قَبْلَهُ، وَيَكُوْنُ هَذَا الدَّلِيْلُ مَنْسُوْبًا إِلَيْهِ، مَعْرُوْفًا بِهِ، وَلكِنْ لَا يَنْسِبُهُ إِلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ وَغَيْرَهُ مِنَ الأَئِمَّةِ بَرِيْئُونَ مِنْ هَذَا.
وَلِلنَّاصِحِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - تَصَانِيْفُ عِدَّةٌ، مِنْهَا: كِتَابُ "أَسْبَابِ الحَدِيثِ" فِي مُجَلَّدَاتٍ عِدَّةٍ، وَكِتَابُ "الاسْتِسْعَادِ بِمَنْ لَقِيْتُ مِنْ صَالِحِي العِبَادِ فِي البِلَادِ" وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ بِخَطِّهِ، وَنَقَلْتُ مِنْهُ فِي هَذَا الكِتَابِ كَثِيْرًا (١)، وَكِتَابُ "الأَنْجَادِ فِي الجِهَادِ" صَنَّفَهُ بِـ "حَلَبَ" وَقَالَ: لَمَّا فَرَغْتُ
(١) جَمَعَ الدُّكْتُور إِحْسَانَ عَبَّاس النُّصُوْصَ الَّتِي أَوْرَدَهَا المُؤَلِّفُ فِي هَذَا الكِتَابِ وَأَضَافَ =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute