للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِي كُتُبِكَ المَسْمُوْعَةِ عَلَيْكَ، تَذْكُرُ كَثِيْرًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ العُلَمَاءِ بِالخَطَإِ، اعْتِقَادًا مِنْكَ أَنَّكَ تَصْدَعُ بِالحَقِّ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ، وَلَا بُدَّ مِنَ الجَرَيَانِ فِي مَيْدَانِ النُّصْحِ، إِمَّا لِتَنْتَفِعَ إِنْ هَدَاكَ اللهُ، وَإِمَّا لِتَرْكِيْبِ حُجَّةِ اللهِ عَلَيْكَ، وَيَحْذَرُ النَّاسُ قَوْلَكَ الفَاسِدَ، وَلَا يَغُرُّكَ كَثْرَةُ اطِّلَاعِكَ عَلَى العُلُومِ "فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ" وَ"رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ"، وَ"رُبَّ بَحْرِ كَدِرٍ وَنَهْرٍ صَافٍ"، فَلَسْتَ بِأَعْلَمِ مِنَ الرَّسُولِ، حَيْثُ قَالَ لَهُ الإِمَامُ عُمَرُ أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ؟ أَنْزَلَ القُرْآنَ (١): {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ} وَلَوْ كَانَ لَا يُنْكِرُ مَنْ قَلَّ عِلْمُهُ علَى مَنْ كَثُرَ عِلْمُهُ إِذًا لَتَعَطَّلَ الأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ، وَصِرْنَا كَبَنِي إِسْرَائِيْلَ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: (٢) {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} بَلْ يُنْكِرِ المَفْضُوْلُ عَلى الفَاضِلِ، وَيُنْكِرُ الفَاجِرُ عَلى الوَليِّ، عَلَى تَقْدِيْرِ مَعْرِفَةِ الوَلِيِّ، وَإِلَّا فَأَيْنَ العَنْقَاءَ لَيُطْلَبَ؟ وَأَيْنَ السَّمَنْدَلُ (٣)، ليُجْلَبَ؟ إِلَى أَنْ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ كَثُرَ النَّكِيْرُ عَلَيْكَ مِنَ العُلَمَاءِ وَالفُضَلَاءِ، وَالأَخْيَارِ فِي الآفَاقِ بِمَقَالَتِكَ الفَاسِدَةِ فِي الصِّفَاتِ، وَقَدْ أَبَانُوا وَهَاءَ مَقَالَتِكَ، وَحَكَوْا عَنْكَ أَنَّكَ أَبَيْتَ النَّصِيْحَةَ، فَعِنْدَكَ مِنَ الأَقْوَالِ الَّتِي لَا تَلِيْقُ بِالسُّنَّةِ مَا يَضِيْقُ الوَقْتُ عَنْ ذِكْرِهَا، فَذُكِرَ


(١) سورة التوبة، الآية: ٨٤.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٧٩.
(٣) قال الزَّبِيْدِيُّ: السَّمَنْدَلُ: كَسَفَرْجَلُ، أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ: طَائِرٌ بِالهِنْدِ لَا يَحْتَرِقُ بِالنَّارِ، وَيُقَالُ فِيْهِ أَيْضًا: السَّبَنْدَلُ بِالبَاءِ، عَنْ كُرَاعٍ. . ." تَاج العَرُوْسِ (سَمَنْدَلَ). ويُراجع: لِسَانُ العَرَبِ، والحيوان (٦/ ٤٣٤).