للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثمَّ قَالَ: وَذَكَرْتَ الكَلَامَ المُحْدَثَ عَلَى الحَدِيثِ، ثُمَّ قُلْتَ: والَّذِي يَقَعُ لِي، فَبِهَذَا تُقْدِمُ عَلى اللهِ وَتَقُولُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا، وَالَّذِي يَقَعُ لِي، تَتَكَلَّمُوْنَ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِوَاقِعَاتِكُمْ تَخْبِرُوْنَ عَنْ صِفَاتِهِ؟! ثُمَّ مَا كَفَاكَ حَتَّى قُلْتَ: هَذَا مِنْ تَحْرِيْفِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، تَحَكُّمًا مِنْ غَيْرِ دَلِيْلٍ، وَمَا رَوَيْتَ عَنْ ثِقَةٍ آخَرُ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ غَيَّرَهُ الرَّاوِي، فَلَا يَنْبَغِي بِالرُّوَاةِ العُدُوْلِ أَنَّهُمْ حَرَّفُوا، وَلَوْ جَوَّزْتُمْ لَهُمْ الرِّوَايَةَ بِالمَعْنَى، فَهُمْ أَقْرَبُ إِلَى الإِصَابَةِ مِنْكُمْ، وَأَهْلُ البِدَعِ إِذًا كَلَّمَا رَوَيْتُمْ حَدِيْثًا يَنْفُرُوْنَ مِنْهُ يَقُولُوْنَ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ تَغْيِيْرِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، فَإِذَا كَانَ المَذْكُورِ فِي الصَّحِيْحِ المَنْقُوْلُ مِنْ تَحْرِيْفِ بَعْضِ الرُّوَاةِ، فَقَوْلُكُمْ وَرَأْيُكُمْ فِي هَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ رَأْيِ بَعْضِ الغُوَاةِ. وَتَقُوْلُ: قَدِ انْزَعَجَ الخَطَّابِيُّ لِهَذِهِ الأَلْفَاظِ. فَمَا الَّذِي أَزْعَجَهُ دُوْنَ غَيْرِهِ؟! وَنَرَاكَ تَبْنِي شَيْئًا ثُمَّ تَنْقُضُهُ، وَتَقُوْلُ: قَدْ قَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَتَنْسِبُ ذلِكَ إِلَى إِمَامِنَا أَحْمَدَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَمَذْهَبُهُ مَعْرُوْفٌ فِي السُّكُوْتِ عَنْ مِثْلِ هَذَا، وَلَا يُفَسِّرُهُ، بَلْ صَحَّحَ الحَدِيْثَ، وَمَنَعَ مِنْ تَأْوِيْلِهِ. وَكَثِيْرٌ مِمَّنْ أَخَذَ عَنْكَ العِلْمَ إِذَا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ عَلِمَ بِمَا فِي عَيْبَتِهِ مِنَ العَيْبِ، وَذَمَّ مَقَالَتَكَ وَأَبْطَلَهَا، وَقَدْ سَمِعْنَا عَنْكَ ذلِكَ بِنَاءً علَى الوَاقِعَاتِ وَالخَوَاطِرِ. وَتَدَّعِي أَنَّ الأَصْحَابَ خَلَّطُوا فِي الصِّفَاتِ، فَقَدْ قَبَّحْتَ أكْثَرَ مِنْهُمْ، وَمَا وَسِعَتْكَ السُّنَّةُ، فَاتَّقِ اللهَ - سُبْحَانَهُ - وَلَا تَتَكَلَّمْ فِيهِ بِرَأْيِكَ؛ فَهَذَا خَبَرُ غَيْبٍ، لَا يُسْمَعُ إِلَّا مِنَ الرَّسُوْلِ المَعْصُوْمِ، فَقَد نُصِّبْتُمْ حَرْبًا لِلأَحَادِيْثِ الصَّحِيْحَةِ، وَالَّذِيْنَ نَقَلُوهَا نَقَلُوْا شَرَائِعَ الإِسْلَامِ.