للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَمْرَكَ، وَسَيَّرُوا ذلِكَ فِي البِلَادِ وَبَيَّنُوا وَجْهَ الأَقْوَالِ الغَثَّةِ، وَهَذَا أَمْرٌ تُشُوِّرَ فِيْهِ، وَقُضِيَ بِلَيْلٍ، وَالأَرْضُ لَا تَخْلُو مِنْ قَائِمٍ للهِ بِحجَّةٍ، وَالجَرْحُ لَا شَكَّ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْدِيْلِ، وَاللهُ علَى مَا نَقُوْلُ وَكِيلٌ، وَقَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ.

وَإِذَا تَأَوَّلْتَ الصِّفَاتَ عَلى اللُّغَةِ، وَسَوَّغْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَأَبَيْتَ النَّصِيْحَةَ، فَلَيْسَ هُوَ مَذْهَبَ الإِمَامِ الكَبِيْرِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ، فَلَا يمْكِنُكَ الاِنْتِسَابُ إِلَيْهِ بَهَذَا، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ مَذْهَبًا، إِنْ مُكِّنْتَ مِن ذلِكَ، وَمَا زَالَ أَصْحَابُنَا يَجْهَرُوْنَ بِصَرِيْحِ الحَقِّ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَلَوْ ضُرِبُوا بِالسُّيُوْفِ، لَا يَخَافُوْنَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَلَا يُبَالُوْنَ بِشَنَاعةِ مُشَنِّعٍ، وَلَا كَذِبَ كَاذِبٌ، وَلَهُمْ مِنَ الاِسْمِ العَذْبُ الهَنِيُّ، وَتَرْكُهُمُ الدُّنْيَا وَإِعْرَاضُهُمْ عَنْهَا اشْتِغَالًا بِالآخِرَةِ مَا هُوَ مَعْلُوْمٌ مَعْرُوْفٌ.

وَلَقَدْ سَوَّدْتَ وُجُوْهَنَا بِمَقَالَتِكَ الفَاسِدَةِ، وَانْفِرَادِكَ بنَفْسِكَ، كَأَنَّكَ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ، وَلَا كَرَامَةَ لَكَ وَلَا نُعْمَى (١)، وَلَا نُمَكِّنُكَ مِنَ الجَهْرِ بِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ، وَلَوْ اسْتُقْبِلَ مِنَ الرَّأْيِ مَا اسْتُدْبِرَ لَمْ يُحْكَ عَنْكَ كَلَامٌ فِي السَّهْلِ، وَلَا فِي الجَبَلِ، وَلكِنْ قَدَّرَ اللهُ وَمَا شَاءَ فَعَلْ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللهِ وَسُنَّةُ رَسُوْلِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (٢) {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}


(١) العَرَبُ تَقُولُ لِمَنْ طُلِبَ مِنْهُ فِعْلُ شَيْءِ فَاسْتَجَابَ: "أَفْعَلْهُ وَكَرَامَةً وَنُعْمَى عَيْنٍ" وَتَقُوْلُ خِلَافَ ذلِكَ: "لَا أَفْعَلُهُ وَلَا كَرَامَةَ وَلَا نِعْمَةَ عَيْنٍ" وَلِهَذَا القَوْلُ عِبَارَاتٌ أُخْرَى مُفَصَّلَةٌ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ.
(٢) سورة النِّساء، الآية: ٥٩.