الخِرَقِيِّ (١): أَنَّهَا لَا تُجْرَى عَلَيْهِمْ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلْ أَحْكَامُ المُحَارِبِيْنَ جَارِيَةٌ عَلَيْهِمْ، وَفَصَّلَ القَاضِي بَيْنَ أَنْ يَفْعَلُوا ذلِكَ فِي حَضَرٍ يَلْحَقُ فِيْهِ الغَوْثُ عَادَةً أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ يَلْحَقُ فِيْهِ الغَوْثُ عَادَةً فَلَيْسُوا بِمُحَارِبِيْنَ، وَإِلَّا فَهُمْ مُحَارِبُوْنَ، وَمَعْلُوْمٌ أَنَّ السُّلْطَانَ إِذَا امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهِمْ - إِمَّا لِضَعْفِهِ وَعَجْزِهِ، وَإِمَّا لِكَوْنِهِ ظَالِمًا يُسَلِّطُ أَعْوَانَهُ عَلَى الظُّلْم - تَعَذَّرَ لُحُوْقُ الغَوْثِ مَعَ ذلِكَ عَادَةً، فَيَثْبُتُ لَهُمْ - عَلَى قَوْلِهِ - أَحْكَامُ المُحَارِبِيْنَ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَنَقَلْتُ مِنْ "بَعْضِ تَعَالِيْقِ" الإِمَامِ أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ - مِمَّا نَقَلَهُ مِنَ "الفُنُوْنِ" لابنِ عَقِيْلٍ حَادِثَةَ رَجُلٍ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا فَعَلْتِ كَذَا، فَمَضَى عَلَى ذلِكَ مُدَّةً، ثُمَّ قَالَتْ: قَدْ كُنْتُ فَعَلْتُهُ. هَلْ تُصَدَّقُ مَعَ تَكْذِيْبِ الزَّوْجِ لَهَا؟ أَجَابَ الشَّرِيْفُ الإِمَامُ أَبُو جَعَفْرٍ بنِ أَبِي مُوْسَى تُصَدَّقُ وَلَا يَنْفَعُهُ تَكْذِيْبُهُ، وَأَجَابَ الشَّيْخُ الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ لا تُصَدَّقُ عَلَيْهِ، وَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ.
قُلْتُ: أَبُو مُحَمَّدٍ: أَظُنُّهُ التَّمِيْمِيَّ.
وَمِنَ "الفُنُوْنِ" أَيْضًا (مَسْأَلَةُ) إِذَا وَجَدَ عَلَى ثَوْبِهِ مَاءً وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَمَذْيٌ أَمْ مَنِيٌّ؟ إنْ قُلْتُمْ: يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَقَلِّ الأحْوَالِ مِنْ كَوْنِهِ مَذْيًا؛ لأنَّ الأَصْلَ سُقُوْطُ غَسْلِ البَدَنِ، أَوْجَبْتُمْ غَسْلَ الثَّوْبِ؛ لأنَّ المَذْيَ نَجِسٌ، وَالأَصْلُ سُقُوْطُ
(١) الخِرَقِيُّ هُو أَبُو القَاسِمِ صَاحِبُ "المُخْتَصَر" وَأَبُو بَكْرٍ هُوَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنِ جَعْفَرٍ، غُلَامُ الخَلَّالِ. مَشْهُوْرَانِ مَعْرُوْفَانِ، مِن أَشْهَرِ عُلَمَاءِ الحَنَابِلَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute