للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِلَّا أَنْ يَكُوْنَ هَدِيَّةَ مَأْكُوْلٍ وَنَحْوَهُ. وَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْ ذلِكَ، فَيَقْبَلُوْنَهُ علَى سَبِيلِ التَّبَرُّكِ وَالاسْتِشْفَاءِ.

وَذَكَرَ أَنَّهُ أَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ، وَأَنَّ الأشْرَفَ كَتَبَ لَهُ كِتَابًا بِقَرْيَةِ "يُونِيْنَ".

فَأَعْطَاهُ لِمُحْيِ الدِّينِ بْنِ الجَوْزِيِّ لِيَأْخُذَ عَلَيْهِ خَطَّ الخَلِيْفَةِ، فَلَمَّا شَعَرَ الشَّيْخُ بِذلِكَ أَخَذَ الكِتَابَ وَمَزَّقَهُ، وَقَالَ: أَنَا فِي غُنْية عَنْ ذلِكَ.

قَالَ: وَكَانَ وَالِدِي لَا يَقْبَلُ شَيْئًا مِنَ الصَّدَقَةِ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَةِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ (١) قَالَ: وَكَانَ قَبْلَ ذلِكَ فَقِيْرًا لَا مَالَ لَهُ.

وَكَانَ لِلْشَّيخِ عَبْدِ اللهِ زَوْجَة لَهَا ابْنَة جَمِيْلَة، فَكَانَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ يَقُوْلُ لَهَا: زَوِّجِيْهَا مِنَ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ، فَتَقُولُ لَهُ: إِنَّهُ فَقِيْرٌ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَكُوْنَ ابْنَتِي سَعِيْدَةً، فَيَقُولُ: كَأَنِّي أَرَاهُ وَإِيَّاهَا فِي دَارِ وَفِيْهَا بِرْكَةٌ، وَلَهُ رِزْقٌ كَثيْرٌ، وَالمُلُوْكُ يَتَرَدَّدُوْنَ إِلَى زِيَارَتِهِ. فَزَوَّجَتْهَا مِنْهُ، فَكَانَ الأمْرُ كَذلِكَ، وَكَانَتْ أَوَّلَ زَوْجَاتِهِ، وَكَانَتِ المُلُوْكُ كُلُّهُمْ يَحْتَرِمُوْنَهُ وَيُعَظِّمُوْنَهُ. بَنُو العَادِلِ وَغَيْرُهُمْ، وَكَذلِكَ مَشَايِخُ العُلَمَاءِ، كَابْنِ الصَّلَاحِ، وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَابْنِ الحَاجِبِ، وَالحُصْرِيِّ. وَالقُضَاةُ كَابْنِ سَنَاءِ الدَّوْلَةِ، وَابْنِ الجَوْزِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَكَانَ النَّاسُ يَنْتَفِعُونَ بِعُلُوْمِهِ وَفُنُوْنِهِ، وَيتلَقَّوْنَ عَنْهُ الطَّرِيْقَةَ الحَسَنَةَ. وَكَانَ عَظِيمَ الهَيْبَةِ، مُنَوِّرَ الشَّيْبَةِ، مَلِيْحَ الصُّوْرَةِ، ضَخْمًا، حَسَنَ السَّمْتِ وَالوَقَارِ. وَكَانَ


(١) رفَعَ ابنُهُ القُطْبُ نَسَبَهُ ثُمَّ قَالَ: "وَالنَّسَبُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ رَوَاهُ عَنْهُ وَلَدُهُ أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيٌّ، قَالَ: أَظْهَرَه قَبْلَ وَفَاتِهِ لأعْلَمَ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَحْرُمُ عَلَيْنَا".